على جناح الملائكة.. بر بال فرشتكان

تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي 545632810

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

على جناح الملائكة.. بر بال فرشتكان

تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي 545632810

على جناح الملائكة.. بر بال فرشتكان

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات على جناح الملائكة ...منتدى شيعي حر ورائع يتكلم عن منهج اهل البيت عليهم السلام

قال الإمام الصادق (عليه السلام): ما من شيء إلا وله كيل ووزن إلا الدموع، فإن القطرة منها تطفىء بحارا من النار، فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهه قتر ولا ذلة، فإذا فاضت حرمه الله على النار، ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا....فيما قبل عن الامام علي عليه السلام .....عن النبى(ص):من أحب أن ينظر إلى اسرافيل فى هيبته، و إلى ميكائيل فى رتبته، و إلى جبرئيل فى جلالته، و إلى آدم فى سلمه، و إلى نوح فى خشيته، و إلى ابراهيم فى خلته، و إلى يعقوب فى حزنه، و إلى يوسف فى جماله، و إلى موسى فى مناجاته، و إلى أيوب فى صبره، و إلى يحيى فى زهده، و إلى يونس فى سنته، و إلى عيسى فى ورعه، و إلى محمد فى حبسه و خلقه فلينظر إلى على، فإن فيه تسعين خصلة من خصال الأنبياء جمع الله فيه ولم يجمع لأحد غيره.***يقول الامام علي عليه السلام:إحذر استِصغارَ الخصْمِ فإنّهُ يمنعُ منَ التحفظ ، ورُبّ صَغير ٍغلبَ كبيرا ًإحذر التفريط فإنّهُ يُوجبُ المَلامَة إحذر الدُنيَا، فإنهَا شبكة الشيْطان، ومَفسْدة الإيمَان إحذر الغضبَ، فإنه جُندٌ عَظيمٌ مِن جُنودِ إبلِيسَ إحذر الغضبَ ممّنْ يحمِلكَ عَليْهِ، فإنه مُميتٌ لِلخوَاطِرْ، مَانِعٌ مِن التثبُت إحذر الكَريمَ إذا أهنتهُ، والحَليمَ إذا جَرَحْتهُ، والشُجَاعَ إذا أوجَعتهُ.*** رُوي عن الإمام علي ابن أبي طالب عليه السلام أنَّه قال:إن النعمة موصولة بالشكر ..والشكر متعلق بالمزيد ....و لن ينقطع المزيدمن الله حتى ينقطع الشكر من العبد !!***وعنه عليه السلام أيضاً:والذي وسع سمعه الأصوات .. ما من أحد أدخل على قلب فقيرسروراً .....إلا خلق الله له من هذا السرور لطفاً ..فإذا أنزلت به نائبة جرىإليها لطف الله ...كالماء في انحداره حتى يطردها عنه !***وسُئل عليه السلام: كم صديق لك ..؟ قال لا أدري الآن !لأن الدنيا مُقبلة عليّ ..والناس كلهم أصدقائي ....وإنما أعرف ذلك إذا أدبرت عنيّ ..فخيرالأصدقاء من أقبل إذا أدبر الزمان عنك !!***وقال عليه السلام :منحاسب نفسه ربح ...ومن غفل عنها خسر ..ومن نظر في العواقب نجا ..ومن أطاعهواه ضل ....ومن لم يحلم ندم ..ومن صبر غنم ..ومن خاف رحم ..ومنأعتبر أبصر ...ومن أبصر فهم ..ومن فهم علم !!***و قال عليه السلام :اعلمإن لكل فضيلة رأساً و لكل أدب ينبوعاً..ورأس الفضائل و ينبوع الأدب هو العقل ..الذي جعله الله تعالى للدين أصلاً و للدنيا عمادا ..فأوجب التكليف بكماله ....و جعل الدنيا مدبرة بأحكامه ..و ألف به بين خلقه ....مع اختلاف همهم ومآدبهم !!***و قال عليه السلام :منينصب نفسه للناس إماماً ....فليبدأ بتعليم نفسه قبل تعليم غيره ..و ليكنتأديبه بسيرته قبل تأديبه بلسانه !!***و قال عليه السلام :منملك نفسه عن أربعة خصال .....حرَّم الله لحمه على النار ..من ملك نفسه عندالرغبة ... والرهبة .. والشهوة .. والغضب !***وقال عليه السلام :راحةالجسم في قلة الطعام ...وراحة النفس في قلة آلاثآم ..وراحة القلب في قلةالاهتمام ..وراحة اللسان في قلة الكلام !!***و قال عليه السلام : خيرالدنيا والآخرة في خمس خصال ....غني النفس ..وكف الأذى ..وكسب الحلال ..و لباس التقوى ..و الثقة بالله على كل حال !!

المواضيع الأخيرة

» رسالة من زائر
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالسبت يوليو 13, 2013 2:06 am من طرف الورده

» باك المنتدى
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالسبت يوليو 13, 2013 1:58 am من طرف الورده

» افكار للرفوف رووعه
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالجمعة يونيو 28, 2013 5:19 pm من طرف الورده

» تصميم ازياء(اول تجربه لي )
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالجمعة يونيو 28, 2013 5:17 pm من طرف الورده

» طريقة عمل آيسكريم~..
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالجمعة فبراير 01, 2013 10:42 pm من طرف الورده

» عندمآإ ........
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالثلاثاء يناير 29, 2013 11:59 pm من طرف الورده

» يا علي ( رسمتي )
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالثلاثاء يناير 29, 2013 11:55 pm من طرف الورده

» ،،دفتر حضور وغياب ارجو التثبيت ،،
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالثلاثاء يناير 29, 2013 11:47 pm من طرف الورده

»  عضوين في قفص المواجهه
تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Emptyالسبت ديسمبر 29, 2012 6:52 pm من طرف الورده

المتواجدون الآن ؟

ككل هناك 25 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 25 زائر :: 1 روبوت الفهرسة في محركات البحث

لا أحد


أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 113 بتاريخ السبت أكتوبر 05, 2013 8:49 pm

دخول

لقد نسيت كلمة السر


3 مشترك

    تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي

    r07 alah
    r07 alah
    حسيني مبتدئ


    اوسمة العضو : عدد الاوسمة1

    ذكر تميز العضو : 10
    عدد المساهمات : 22

    نشاط العضو : 53118
    تاريخ التسجيل : 29/10/2009

    التقاط تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي

    مُساهمة من طرف r07 alah الخميس نوفمبر 05, 2009 11:05 pm

    االحمد لله والصلاة على محمد واله الطاهرين ‏

    وبعد:‏

    في البدء أقول: مما لا يُرْتَابُ فيه وجودُ واقعْ حاليٍّ ملموس الأثر ألا وهو تعدد مصادر تحصيل العلم والمعرفة والثقافة في شتى مرافق الحياة الإنسانية المعنوية والمادية، الخاصة والعامة،الإجتماعية والفردية - مع غض النظر عن الحكم بايجابية البعض وسلبية الأخر - ولكن مما ينبغي التفصيل فيه هو: ‏

    البحث عن الأسلوب الأمثل في كيفية التعامل مع هذه المصادر المتعددة مع ملاحظة الواجبات الملقات على عاتق الفرد والمجتمع ازاء ذلك كي توجد هناك حالة من الحركة والتغير بدلا من الجمود والتخلف وضياع المصير، نعم نحن المسلمين مستهدفون في اسلامهم وهويتهم ومبادئهم وقيمهم ولكن لا يعني ذلك الجُبْنُ والتقهقر للخلف تاركين وراء ظهورنا الإستفادة الصحيحة مما اسهمت فيه الحضارات المتطورة والمتقدمة من نتاجات لها دور كبير في خدمة الإنسان ودينه ودنياه المعاش خصوصا فيما هو من الأشياء المشتركة الصالح استخدامها في الحلال والحرام بأن يوظف استخدامه في الحلال والمشروع خاصة ، فنحن الأن - مثلا - وبفضل هذا الكمبيوتر والأنترنت وهذا الموقع المحترم نستطيع أن نوصل الرسالة الإسلامية المكتوبة هنا إلى كل العالم قاصدين به خدمة الدين الحنيف والمبدأ من خلال طرح الرأي في القضايا المهمة والمصيرية المطروحة فيه - نعم بالنسبة للمنحصر استخدامه في الحرام فذلك له شأن اخر وتفصيله مرجوٌّ لمحله في البحث -.‏

    والشيء الأخر الذي أريد أن أنوِّه به هو أن تعدد المصادر الثقافية والمعرفية يترك أثره السلبي على الشاب فيما لو لم يكن من الأساس قد بني البناء الصحيح روحا وفكرا ليعيش صراعا حادا في اختيار طريقه العلمي والعملي في هذا العالم الواسع والرحب أو كان هو نفسه من المهملين لأنفسهم وعقلهم المحتج به عند الله تعالى حيث أن العقل أصل الإنسان ودعامته التي يفرق بها عن الحيوان في هذا السور الدنيوي المحدود ليلقي بعدئذٍ تبعات تقصيره على هذا الطرف أو ذاك .‏

    والخلاصة: ‏

    أن تعدد مصادر العلم والمعرفة والثقافة أمر فرض نفسه على الجميع ولكنه لم يقهرهم على أن يتناولوه بصيغته المطروحة، فلدينا نحن المسلمين شريعةٌ وعلماءٌ وعقولٌ تزجر وتنهى وتبعث وتحث في الموقع المناسب، ويبقى الإنسان بعد هذا متحملا لتبعات عمله في الدنيا والأخرة.‏

    والحمد لله .
    مواليه بحب علي
    مواليه بحب علي
    مجموعة المديرون
    مجموعة المديرون


    mirnda

    اوسمة العضو : عدد الاوسمة2

    المزيد : عدد الاوسمة2

    انثى السمك

    تميز العضو : 23
    عدد المساهمات : 4366

    نشاط العضو : 64324
    تاريخ التسجيل : 18/04/2009
    العمر : 28
    الموقع : على جناح الملائكه
    العمل/الترفيهالرسم

    احترام القوانين احترام القوانين : كول

    التقاط رد: تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي

    مُساهمة من طرف مواليه بحب علي الخميس نوفمبر 05, 2009 11:24 pm

    موضوع رائع
    في ميزان حسناتكم
    شكرا
    تحياتي لجميع محبين اهل البيت
    وش شكرا
    مريام
    مريام
    Admin
    Admin


    barbican

    اوسمة العضو : عدد الاوسمة3

    المزيد : عدد الاوسم3

    supper : عدد الاوسمة3

    انثى العذراء

    تميز العضو : 13
    عدد المساهمات : 5378

    نشاط العضو : 66073
    تاريخ التسجيل : 18/04/2009
    العمر : 34
    الموقع : كربلاء الصغرى
    العمل/الترفيهطالبة جامعية

    احترام القوانين احترام القوانين : cool

    التقاط رد: تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي

    مُساهمة من طرف مريام الثلاثاء نوفمبر 24, 2009 8:46 pm

    اشكركم على هذا الموضوع المفيد
    ويمكنني زيادة الموضوع ببعض المعلومات المقتبسة من بعض الكتب واليكم الموضوع بالمصادر
    مريام
    مريام
    Admin
    Admin


    barbican

    اوسمة العضو : عدد الاوسمة3

    المزيد : عدد الاوسم3

    supper : عدد الاوسمة3

    انثى العذراء

    تميز العضو : 13
    عدد المساهمات : 5378

    نشاط العضو : 66073
    تاريخ التسجيل : 18/04/2009
    العمر : 34
    الموقع : كربلاء الصغرى
    العمل/الترفيهطالبة جامعية

    احترام القوانين احترام القوانين : cool

    التقاط رد: تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي

    مُساهمة من طرف مريام الثلاثاء نوفمبر 24, 2009 8:47 pm

    سلسلة إحياء فكر الشهيد مطهري‏



    فريضة العلم‏
    إعداد ونشر مركز الإمام الخميني الثقافي




    مقدمة

    والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد وعلى اله الأخيار المنتجبين.

    مهما تغيّرت الظروف فإنّ الفكر الأصيل يبقى على أصالته، ومهما تبدّلت الأحوال فإنّ الكلام المحكم بالدليل يبقى على إحكامه، فالأصالة والإحكام أساس الثبات والدوام، ومن هنا نجد الإمام الخميني الراحل (قده) يوصي «... الطبقة المفكرة والطلاب الجامعيين ألا يدعوا قراءة كتب الأستاذ العزيز (الشهيد مرتضى مطهري)، ولا يجعلوها تُنسى جرّاء الدسائس المبغضة للإسلام...

    فقد كان عالماً بالإسلام والقران الكريم والفنون والمعارف الإسلامية المختلفة فريداً من نوعه... وإن كتاباته وكلماته كلها بلا أيّ استثناء سهلة ومربِّية».

    وكذلك نجد قائد الثورة الإسلاميّة سماحة السيد علي الخامنئي (دام ظله) يصفه بأنّه: «المؤسس الفكري لنظام الجمهورية الإسلاميّة،... وأنّ الخطّ الفكري للأستاذ مطهري هو الخط الأساس للأفكار الإسلامية الأصيلة الذي يقف في وجه الحركات المعادية...

    إنّ الخط الذي يستطيع أن يحفظ الثورة من الناحية الفكرية هو خط الشهيد مطهري يعني خط الإسلام الأصيل غير الالتقاطي... وصيّتي أن لا تدعوا كلام هذا الشهيد الذي هو كلام الساحة المعاصرة، ... واجعلوا كتبه محور بحثكم وتبادل ارائكم وادرسوها ودرّسوها بشكل صحيح...».



    حول الكتاب

    هذا الكتاب تلخيص وتحرير لمحاضرتين للشهيد مطهري الأولى تحت عنوان: «الإسلام ونظرته للعلم»، والثانية: «فريضة العلم»، من كتاب محاضرات في الدين والاجتماع.



    فريضة العلم‏

    تحصيل العلم والمعرفة في الواقع الحالي Farida
    <BLOCKQUOTE>



    1 العلم والدين: متخالفان أم متالفان؟

    2 لماذا يعيش المسلمون الجهل والتخلُّف؟

    3 هل هناك علوم دينيّة وأخرى غير دينيّةٍ؟

    4 على أيّ علم يحثّ الإسلامُ؟

    5 ما هو رأي الإسلام في تعلُّم المرأة؟

    6 هل لطلب العلم اثار سلبيّة؟ وكيف يمكن تجنُّبها؟

    </BLOCKQUOTE>



    العلم فريضة



    قال الله عزَّ وجلّ‏َ في كتابه الكريم: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) (1).

    في هذا البحث نتحدث عن فريضة من الفرائض الإسلاميّة لا تقلّ شأناً عن بقيّة الفرائض، ألا وهي «فريضة العلم»، وأمّا تعبيرنا عن العلم بالفريضة فناشى من وصف الأحاديث الشريفة لطلب العلم بأنّه فريضة، فقد ورد عن النبي (ص) أنّه قال: «طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ» (2)، وفي كتاب بحار الأنوار إضافةُ كلمة «ومسلمةٍ» (3)، وهذا الحديث ممّا اتّفق عليه الفريقان، السنّة والشيعة.



    معنى الفريضة

    والفريضة تعني الواجب (4)، وبهذا يكون المراد من الحديث الشريف أنّ طلب العلم واحد من الفرائض والواجبات الإسلاميّة، وعليه يكون للإسلام فضلُ السبق في مضمار حثّ‏ِ الناس على طلب العلم، فبعد أن كان التعلُّم حقاً وامتيازاً تتمتّع به فئات خاصّة وطبقات معيّنة في مجتمعِ ما قبل الإسلام، جاء الإسلام ليعتبر طلب العلم واجباً وفريضةً على كلّ فردٍ من أفراد المجتمع الإسلامي، دون أي فرقٍ بين المرأة والرجل، أو بين طبقةٍ أو جماعةٍ وأخرى.

    إذاً تحصيل العلم والمعرفة فرض واجب على جميع المسلمين، كالصلاة والصوم والحجّ وغيرها من الفرائض الإسلاميّة.



    المسلمون والعلم

    ينقسم المجتمع الإسلاميّ، من حيث نظرته إلى العلاقة بين الدين والعلم، إلى فئتين:

    الفئة الأولى: وهي تسعى لإظهار أنّ الدين والعلم متخالفان ولا يمكن أن يلتقيا أبداً، وهذه الفئة تنقسم بدورها إلى طائفتين:

    أ وهي طائفة الجهلاء المتظاهرين بالتديّن، وهؤلاء يعيشون ويرتزقون بسبب الجهل المتفشّي في الناس، ومن هنا كان العلم عدوّهم اللدود، فراحوا يشوّهون صورته أمام الناس؛ لكي يبتعدوا عنه، وكانت دعواهم أنّ العلم يتنافى مع الدين.

    ب وهي طائفة المثقّفين المتعلِّمين، الذين ضربوا بالمبادئ الإنسانيّة والأخلاقيّة عرض الحائط؛ فلكي يبرّروا أعمالهم المنكرة، قالوا لا يمكن أن يأتَلِفَ الدينُ والعلم، فإمّا أن تكون متديّناً، وإمّا أن تكون متعلِّماً ومثقَّفاً.

    الفئة الثانية: وهي التي لم يخالجها قطُّ إحساس بأيّ‏ِ تناقضٍ أو تنافٍ بين الدين والعلم، فسَعَت إلى إزالة الظلام والغبار الذي أثارته الفئة الأولى بطوائفها حول العلم والدين المقدّسين، وكان لها حظّ من كلّ من العلم والدين، كشاهدٍ على إمكانيّة الجمع بينهما في الواقع.



    الإسلام يوصي بالعلم

    فالإسلام قد أولى مسألة تحصيل العلم أهمّيّةً قصوى، حتّى أنّه اعتبره فرضاً واجباً على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ، وقد تعرّضت جملة من الايات القرانيّة والأحاديث الشريفة لبيان فضل العلم والعلماء وما لهم من الأجر الكبير عند الله عزَّ وجلّ‏َ وكلّ ذلك ترغيباً في العلم ودعوةً إلى تحصيله، ونحن هنا سنكتفي بذكر شي‏ء يسير من أحاديث النبي (ص) في التحريض على طلب العلم:



    الأوّل: «طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ» (5)، وفي هذا الحديث تأكيد على أنّ طلب العلم أمر لا يتمايز فيه أحد عن أحدٍ، فهو واجب على الرجل والمرأة، الصغير والكبير، الشابّ والشيخ، الحاكم والمحكوم، ولا يختصّ بطبقةٍ أو جنسٍ.

    الثاني: «اطلبوا العلم من المهد إلى اللحد» (6)، وفي إشارة إلى أنّ طلب العلم لا يختصّ بزمانٍ دون زمانٍ، فهو فريضة على كلّ مسلمٍ في كلّ زمان.

    الثالث: «اطلبوا العلم ولو في الصين» (7)، فليس لطلب العلم مكان معيّن، وكلّ مكانٍ مهما كان بعيداً يوجد فيه علم نافع ومفيد هو من الأمكنة التي يجب على المسلم أن يسعى للوصول إليها؛ لتحصيل ذلك العلم والإفادة منه، وهذا ما يجعل طلب العلم فريضةً متميّزةً عن كثيرٍ من الفرائض الإسلاميّة التي حُدِّد لها وقت معيّن، كالصلاة والصوم مثلاً، أو مكان معيّن، كالحجّ.

    الرابع: «الحكمة ضالّة المؤمن يأخذها أينما يجدها» (Cool، والحكمة هي الموضوع المحكَم المتقَن المنطقيّ السليم، هي كلّ قانونٍ أو قاعدةٍ تتّفق مع الحقيقة، وليست صنيعة الوهم والتخيّلات، فالمؤمن يبحث عن الحقيقة في كلّ اتّجاه، ولا يتحفّظ أن يطلبها ولو كانت عند كافرٍ أو مشركٍ، وقد ورد عن أمير المؤمني (ع): «الْحِكْمَةُ ضَالَّةُ الْمُؤْمِنِ، فَخُذِ الْحِكْمَةَ وَلَوْ مِنْ أَهْلِ النِّفَاقِ» (9)، فالشرط الوحيد إسلاميّاً في أخذ العلم هو أن يكون ذلك العلم صحيحاً، ويتّفق مع الحقيقة والواقع.



    النافع، شرط واحد للعلم

    نعم ينبغي لمَنْ ليسوا من أهل الاختصاص أن لا يستمعوا إلى كلّ من ألقى بدَلْوه من الناس، بل لا بدّ لهم من الاستيضاح حول طبيعة الشخص الذي يتلقَّوْن منه العلم؛ لئلاّ ينحرف بهم عن الخط المستقيم من حيث لا يشعرون، أمّا إذا كان لديهم من الخبرة ما يجعلهم يميّزون بين المفيد والمضرّ، والصحيح والفاسد من العلوم، فلا ينبغي لهم التوقّف في أخذ الصحيح والمفيد منها، ولو كان المعلِّم كافراً أو مشركاً أو منافقاً، وهذا أيضاً يميّز طلب العلم عن بعض الفرائض الإسلاميّة الأُخرى التي قُيِّدت بشروطٍ، كصلاة الجمعة التي يجب فيها الاقتداء بإمامٍ واحدٍ مسلمٍ مؤمنٍ عادلٍ، أمّا طلب العلم فلم يُقيَّد سوى بأن يكون العلم صحيحاً مفيداً، ويتفق مع الحقيقة والواقع، وإلاّ انتفى الغرض من تحصيله.



    حال المجتمع الإسلامي

    ونحن لا نريد تفصيل الكلام في مدى عناية الإسلام واهتمامه بالعلم والترغيب فيه؛ وذلك لأنّه قد قيل وكُتِب الكثير حول ذلك، ومَنْ ينظر إلى مجتمعاتنا الغارقة في الجهل والأُمّيّة والتخلُّف لن يصدّق ما سوف نقوله له من عناية الإسلام الكبرى في طلب العلم، إذ كيف يكون الإسلام كذلك والمسلمون غارقون في الجهل؟!

    ولهذا نرى أنّه لا بدّ من الالتفات إلى عيوب المجتمع الإسلامي، والتفكير في أسباب التأخّر العلميّ في هذا المجتمع، فلعلّنا نتمكّن أن نتخلّص من ذلك كلّه، لننطلق بعدها في طريق العلم الواسع الذي سيقودنا إلى الرقيّ والحضارة الحقيقيَّيْن ما دام مقترناً بالإيمان والالتزام.

    وتجدر الإشارة إلى تلك الحادثة التي حصلت مع العلاّمة السيّد عبد الحسين شرف الدين!، فإنّه أخذ في تأليف الكتب حول أهل البيت (ع) وشيعتهم رَدْحاً من الزمن، ولكنّه التفت بعد فترةٍ إلى أنّ الشيعة في لبنان كانوا مستضعفين، وليس فيهم العالم ولا المهندس ولا الطبيب إلاّ بأعدادٍ ضئيلةٍ جداً، فرأى أنّ كتبه لن يكون لها أيّ فائدةٍ ما دام الوضع على حاله، فانصرف بكلّ طاقته إلى النشاطات العمليّة التي من شأنها أن تنهض بهؤلاء، وعمد إلى تأسيس المدارس ومعاهد التعليم والجمعيّات الخيريّة، فتغيّر الوضع، وتبدّل الحال، وصار للشيعة علماء ومهندسون ومثقّفون، وهكذا وجدت الدعوة والحركة الإسلاميّة مناخاً ملائماً لها في لبنان.



    المسلمون وأوامر الإسلام بطلب العلم

    ممّا يثير الاستغراب والحيرة حقّاً أن ترى المسلمين، الذين كان أوّل ما أُنزل على نبيّهم محمّد (ص) (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ) (10)، غارقين في الجهل والتخلُّف، ولا نريد هنا القول إنّ المسلمين على مدى العصور لم ينفّذوا أمر الله لهم بطلب العلم، فإنّ الإسلام قد خلق نهضةً علميّةً وثقافيّةً عظيمةً قلّ نظيرها في العالم، وظلّت قروناً طويلةً تحمل لواء الثقافة والتمدّن والإنسانيّة، وقد كانت هذه النهضة مدينةً للأمر الذي أصدره الإسلام بخصوص طلب العلم، ولكنّ المسلمين في القرون الأخيرة قد أهملوا وهجروا هذه الأوامر والتعاليم، فلماذا كان ذلك؟



    أسباب بُعْد المسلمين عن طلب العلم

    1 سياسة التمييز

    إنّ أحد الأسباب الرئيسة لعزوف فئةٍ من المسلمين عن الاهتمام بطلب العلم هو: ما جرى في المجتمع الإسلاميّ بعد وفاة النبيّ الأكرم، فبعد أن كان المسلمون سواسيةً كأسنان المشط أخذ البعض ممّن تسلّم مقاليد السلطة وأمور الخلافة في التمييز بين المسلمين باعتبار نسبهم تارةً، وباعتبار أسبقيّتهم في الإسلام أخرى، أو مشاركتهم في بعض الحروب كبدر مثلاً ثالثةً فظهر مجتمع متعدّد الطبقات، لا يتّفق مع الإسلام مطلقاً، وانقسم المجتمع الإسلاميّ إلى طبقةٍ فقيرةٍ محرومةٍ تكدّ وتشقى للحصول على لقمة العيش، وطبقةٍ غنيّةٍ مسرفةٍ مبذّرةٍ مغرورةٍ لا تدري ما تصنع بما كانت تختزنه من الأموال، هذه الحالة جعلت شريحةً كبيرةً من الناس تنصرف تلقائيّاً عن السعي لتحصيل العلم؛ إذ صار هناك ما هو أولى من ذلك، وهو تأمين لقمة العيش، وانصرف كثير من الأغنياء عن ذلك أيضاً؛ لأنّهم قد أغرقوا أنفسهم في الملذّات والملاهي، التي حجبت عنهم كلّ فائدةٍ لطلب العلم في حياتهم.



    2 احترام لغير أهله

    يعزو البعض عدم اهتمام المسلمين في القرون الأخيرة بطلب العلم إلى أنّهم قد صرفوا اهتمامهم عن العلم إلى العلماء أنفسهم، فبدلاً من أن يتّجهوا إلى إزالة الأمّيّة عن أنفسهم وأولادهم، ممتثلين أوامر الله عزَّ وجلّ‏َ في الحثّ على طلب العلم، أخذوا يبالغون في احترام العلماء وتقديسهم، إلى درجةٍ صاروا يرَوْن فيها أنّ الأجر كلّ الأجر، والفضل كلّ الفضل، في الخضوع للعالِم، فأعطَوْا ما أعطاه الله للعلم وطلبه إلى العلماء والمحقّقين.

    وهذا القول صحيح إلى حدٍّ ما، فإنّ بعض الكتابات الساذجة السطحيّة، وبعض ما يقال على المنابر، يتوافق مع هذا المنطق، والناس وللأسف الشديد يتّبعون هؤلاء دون أن يُعيروا أيّ اهتمامٍ للعلماء والمحقّقين الذين يوضّحون لهم الحقيقة.



    3 فهم خاطى

    هناك أمر اخر، كان له التأثير الكبير في انصراف الناس عن طلب العلم، ألا وهو ما يثيره بعض علماء الإسلام، ذوي الجمود الفكريّ، من أنّ ما أراده النبيّ الأكرم (ص) في قوله «طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ ومسلمةٍ» هو العلم الدينيّ الذي يملكونه، وهذا ما جعل الناس ينصرفون عن طلب بقيّة العلوم النافعة والمفيدة.



    هل هناك علوم دينيّة وأخرى غير دينيّة

    لقد جرى الاصطلاح على القول بأنّ هناك علوماً دينيّةً، وأخرى غير دينيّة. ويقصد بالعلوم الدينيّة تلك العلوم التي تتحدّث في مسائل الدين الاعتقاديّة أو الأخلاقيّة أو العمليّة، أو تلك العلوم التي تعتبر مقدّمةً لتعلُّم المعارف الدينيّة وأحكامها، مثل الأدب العربي أو المنطق (11) في حين يُنظَر إلى بقيّة العلوم النافعة والمفيدة على أنّها غريبة تماماً عن الدين، ولهذا فقد ذهب جماعة إلى أنّ مراد النبيّ (ص) من «طلب العلم فريضة» هو طلب العلم الدينيّ دون غيره.



    الفهم الصحيح

    ولكن الصحيح أنّ هذا اشتباه محض؛ فإنّ الإسلام قد أمر بطلب كلّ علم نافعٍ ومفيدٍ، والدليل على ذلك عدّة أمورٍ:

    1 لو كان الإسلام قد أوصى بطلب العلم الدينيّ فقط فهذا معناه أنّه قد أوصى بنفسه، وبالتالي يكون توجُّه الإسلام نحو العلم وطلبه صِفْراً؛ لأنّ كلّ مذهبٍ من المذاهب، مهما يكن عداؤه للعلم والمعرفة، لا يمكن له أن يقف معارِضاً الاطّلاع على ذاته، بل سيقول حتماً: تعرّفوا عليّ‏َ، ولا تتعرّفوا على غيري.

    وبعبارةٍ أخرى، لو كان المقصود من العلم الذي يأمر الإسلام بطلبه هو العلم الدينيّ فقط لكانت نظرة الإسلام إلى العلم سلبيّةً، وهذا ما ثبت خلافه فيما تقدّم من البحث.

    2 إنّ القران الكريم قد طرح عدداً من المواضيع وطلب من الناس التأمّل فيها، وما هذه المواضيع سوى موضوعات تلك العلوم التي نطلق عليها اليوم أسماء العلوم الطبيعيّة والرياضيّة والحياتيّة والتاريخيّة وغيرها، فقد قال الله (عزَّ وجلّ‏َ): (إِنّ‏َ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنْ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثّ‏َ فِيهَا مِنْ كلّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَا وَالأَرْضِ لايَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (12)، وغيرها آيات كثيرة (13) تدعو الناس إلى التأمّل في مخلوقات الله، والاطّلاع على أسرار الكائنات وأحوالها، وهذا خير دليلٍ على أنّ الإسلام لم يحصر العلم المطلوب تحصيله بالعلم الدينيّ.

    3 الشيعةٍ والموالين لأهل البيت (ع) يعتقدون أنّ سيرة الأئمة وأقوالهم سُنّة، ومن المعلوم أنّ المسلمين في أواخر القرن الأوّل وأوائل القرن الثاني الهجريّ قد تعرّفوا على علوم الدنيا عن طريق ترجمتها عن اليونانيّة والهنديّة والفارسيّة، فقد ترجموا الكتب المتعدّدة في الفلك والمنطق والفلسفة والطبّ والحيوان والأدب والتاريخ، ولم يصدر من الأئمّة (ع)، الذين لم يتوانوا قطّ في توجيه الانتقاد إلى الخلفاء أنفسهم إذا ما صدر منهم ما هو خلاف تعاليم الإسلام، أيّ‏ُ ردعٍ عن ذلك، ممّا يدلّ على أنّ ترجمة وتلقّي هذه العلوم هو من الأمور المَرْضِيَّة عندهم (ع)، الأمر الذي يعني أنّ الإسلام يوافق إذا لم نقل يشجِّع على التعرّف على هذه العلوم ودراستها؛ لفائدتها وتأثيرها العظيم في حياة المسلمين.

    4 ذكرنا فيما تقدّم من البحث حديثين؛ واحد للرسول الأكرم (ص)؛ واخر للإمام عليّ (ع)، وكلّ من هذين الحديثين يدلّ، ولو احتمالاً، على أنّ المقصود من العلم بنظر الإسلام ما هو أعمّ من العلم الدينيّ.

    فقد ورد عنه(ع) «اطلبوا العلم ولو في الصين»، وقد ذُكرت الصين هنا؛ إمّا لأنّها أبعد مكانٍ معروفٍ في العالم يومئذٍ؛ أو لأنّها كانت مركزاً من مراكز العلم والصناعة في العالم، ولم تكن الصين لا قديماً ولا حديثاً مركزاً من مراكز العلوم الدينيّة.

    وجاء عن أمير المؤمنين (ع): «الحكمة ضالّة المؤمن فاطلبوها ولو عند المشرك تكونوا أحقّ بها وأهلها» (14)، وهذا لا معنى له لو كان المراد بالحكمة العلم الدينيّ فقط؛ إذ أيّ‏ُ علمٍ دينيٍ سيأخذه المؤمن من المشرك؟! فالمراد إذاً ما هو أعمّ من العلم الدينيّ.

    5 ورد عن النبيّ الأكرم (ص) جملة من الأحاديث تحدّد المراد من العلم، ولكن ليس بالنصّ على العلم الفلانيّ والفلانيّ، بل ذكر بعنوان العلم النافع (15)، فكلّ علمٍ يتضمّن فائدةً وأثراً يقبل بهما الإسلام ويعتبرهما مفيدين ونافعين، هو مقبول في الإسلام، وطلبُه فريضة.

    6 ذهب الفقهاء إلى أنّ العلم واجب تهيُّئيّ مقدِّميّ، بمعنى أنّ وجوبه ناشى من كونه يهيى الإنسان ويعدّه لإنجاز الوظائف الملقاة على عاتقه، وبما أنّ وظائف الإنسان المسلم لا تقتصر على الصلاة والصوم والحجّ وما شاكل ذلك، بل هناك أعمال هي بحكم الفرائض من حيث الوجوب، كالطبابة مثلاً، فإنّها واجب كفائيّ، وهكذا كلّ ما يحتاجه المجتمع الإسلاميّ من الأعمال التي لا تستقيم الحياة إلاّ بها، كالزراعة والصناعة والتجارة، هي واجبات كفائيّة؛ إذ بكلّ هذه الأمور يتخلّص المجتمع الإسلامي من الخضوع للملل غير الإسلاميّة، ويعيش الاستقلال والحرّيّة والعزّة في اقتصاده وسياسته وأمنه وكلّ شؤون حياته، وهذا ما يريده الإسلام للمجتمع الإسلاميّ، وبما أنّ هذه الأعمال تبتني على علومٍ وفنونٍ لا يمكن تحصيلها إلاّ بالتعلّم والدراسة كان تعلّم هذه العلوم واجباً تبعاً لوجوب تلك الأعمال، وبالاصطلاح العلمي يعتبر العلم باستثناء بعض المعارف الربوبية (16) وسيلة لا غاية.

    فتبيَّن أن العلم المطلوب تحصيله في الإسلام أعمّ من العلم الدينيّ، بل يمكننا القول بمل‏ء أفواهنا أنّ العلم الدينيّ لا ينحصر في علم العقائد والفقه والأخلاق ونحوها، بل العلم الدينيّ هو كلّ علمٍ ينفع الناس، ويرقى بالمجتمع إلى درجة الاكتفاء الذاتي في الاقتصاد والاجتماع والسياسة والأمن، فلا يحتاج المسلمون إلى استجداء تلك المهارات من هنا وهناك، ولا يضطرون لتقديم كرامتهم وعزّتهم وحرّيّتهم ثمناً لما تقدّمه لهم الملل غير الإسلاميّة من الخبرات في المجالات العلميّة المختلفة.



    تعلّم المرأة

    وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنّ بعض الناس يقفون في وجه تعلّم المرأة، معلّلين موقفهم هذا بأنّ أجواء المدارس لا تخلو من الفساد والانحراف، فكيف نأمن على بناتنا فيها؟!

    والجواب: لا شكّ في أنّ الإسلام لم يميّز بين الرجل والمرأة من حيث وجوب طلب العلم، فكما أنّ طلب العلم واجب على الرجل هو كذلك على المرأة، وما ورد من التعبير بأنّ «طلب العلم فريضة على كلّ مسلمٍ» ما هو إلاّ تغليب لعنصر الذكورة، كما هو المعروف في اللغة، وإلاّ فإنّ هناك الكثير من الأحكام الشرعيّة قد جاء في أدلّتها التعبير بالرجل أو المسلم فهل يحتمل اختصاصها بالرجل دون المرأة؟! ولا شكّ أيضاً في أنّ بعض الأعمال الحياتيّة لا يمكن أن تقوم بها على وجهها الصحيح إلا النساء، بل جعل الإسلام بعض الأعمال من مختصّات النساء، ولم يسمح للرجال بممارستها إلاّ في حالات الضرورة القصوى، كالتوليد ونحوه، وهذا يعني أنّ الإسلام قد أجاز للمرأة، بل أوجب عليها، تعلّم المبادى الأساسيّة والعلوم الضروريّة للقيام بهذه الأعمال، وهذا لا يكون إلاّ بدخول النساء إلى ساحات العلم والمعرفة.

    نعم يجب علينا نحن المسلمون عامّةً أن نوفّر المدرسة والجامعة الملائمة أخلاقيّاً وتربويّاً لدراسة بناتنا فيها، فبدلاً من أن نعترض على تعلّم المرأة هروباً من أداء الواجب علينا، لا بدّ لنا أن نبذل كلّ جهدٍ في سبيل تأمين المكان المناسب لدراسة الفتاة بعيداً عن كلّ خطرٍ أخلاقيّ‏ٍ وتربويّ‏ٍ، وعلى الفتيات في هذا المجال أن يلتحقن بالفروع الدراسيّة المناسبة لشأنهنّ واستعدادهنّ، والمتوافقة مع حاجات المجتمع لهنّ.



    الخوف من العلم

    بعض الناس يخافون من انتشار العلم بين الناس؛ لأنّ ذلك سيقضي على منافعهم الذاتيّة التي أسسّوها على استغلال جهل الناس وبساطتهم، فيقولون: لو صار المجتمع متعلّماً، مع ما يمارسه بعض الناس من الفساد، لتعمّق الفساد، فالأُمّيّ الذي يسرق القليل اليوم لن يكتفي به غداً وقد صار متعلّماً يعرف كيف يصل إلى أهدافه بيسرٍ وسهولةٍ.



    الجواب

    إنّ العلم وحده لا يضمن السعادة للناس، بل لا بدّ أن يقترن بالإيمان والالتزام، وحينها يكون علماً نافعاً، كما أنّ الصورة التي رسموها يمكن قراءتها بشكلٍ اخر، فكما أنّ اللصّ المتعلّم يختار ما يسرق بدقّة وعناية كذلك صاحب البيت المتعلّم يعرف كيف يحمي بيته من اللصوص، وكما أنّ العلم نور بيد اللصّ يبصّره طريقه كذلك هو نور بيد صاحب البيت يعرف به مكان اللصّ ويفضحه. فالعلم نور، إذا وجد مَنْ يستخدمه في الشرّ فلن يعدم من يستخدمه في الخير. أمّا الجهل فهو وبال محض، يستغلّه الشرّير لممارسة شروره، ويقف حائلاً بين المرء ومجابهة ما يُحاك له من المكائد والمؤامرات.

    فإذا أردنا أن يكون لنا دين صحيح، وخلاص من الفقر، ومجتمع راقٍ ولائق، علينا أن ننهض في حركةٍ علميّةٍ واحدةٍ تُخرجنا ممّا أصابنا من الجهل والتخلُّف، وإلاّ سنكون قد ساهمنا مريدين أو غير مريدين في تدمير الإسلام والمجتمع الإسلامي، وفي منح الاخرين السيطرة والسلطة على الواقع الإسلاميّ كلّه.



    انعكاسات التخلّي عن مكافحة الجهل

    في كلّ البلدان التي تعاني من الجهل والفقر والتخلُّف نجد حضوراً قويّاً لمجموعاتٍ أجنبية، قد قطعت الاف الأميال للوصول إلى تلك البقاع المحرومة من الأرض، وتتحمّل العناء والمرارة، وكلّ ذلك في سبيل نشر العلم والاهتمام بالجوانب الصحّيّة والإنمائيّة في تلك البلاد.

    ونحن لا نريد الخوض في بيان أهداف هؤلاء من حركتهم، ولكنّنا نقول: هؤلاء يصلون إلى أماكن ومناطق لم تطأها قدمُ داعِيةٍ ومبلِّغٍ ومرشِدٍ من قبلُ، الأمر الذي يعني أنّ هؤلاء المتستّرين بغطاء المساعدة الإنسانيّة، والهادفين إلى نشر أفكارهم وعقائدهم، سوف يتمكّنون من مل‏ء قلوب وعقول المساكين والفقراء والبُسَطاء من الناس هناك بما يريدون، وهذا أمر طبيعيّ، فالإنسان رهين الإحسان، ومَنْ سيُنقذ إنساناً من الجهل والفقر والتعاسة سيمتلك قلبه وعقله وروحه وفكره حتماً، فبماذا سنعتذر إلى الله ورسوله إذا ما ارتدّ هؤلاء الفقراء عن الإسلام، محتجّين بأنّهم كانوا، ولأربعة عشر قرناً، مسلمين فلم يعرفوا سوى الجهل والفقر والتخلُّف حتّى جاء أتباع الديانات الأُخرى فأنقذوهم وعلَّموهم وأخذوا بأيديهم في طريق الحضارة والتقدُّم؟ وبماذا سنجيب رسول الله (ص) لو سألنا هل عملتم بما قلته لكم من أحاديث في طلب العلم؟



    أقلّ الجهد

    وهُنا لا يقولَنّ‏َ أحد إنّ علينا والحال هذه أن نتصدّى لهؤلاء ونمنعهم من الوصول إلى تلك البلاد وتعليم الناس والاهتمام بقضاياهم الصحّيّة والإنمائيّة؛ فإنّ هذا كلام مرفوض من قِبَل العالَم، ومن قبل الشعوب الإسلاميّة التي تعاني من الفقر والجهل.

    نعم يمكننا أن نقول إنّ علينا أن نستنفر كلّ طاقاتنا، ونسعى جهدنا لنشر العلم في تلك البقاع وإخراج الناس هناك ممّا هم فيه من الفقر والجهل والشقاء، وحينها لن تجد تلك الجماعات مكاناً لها في عقولٍ صارت قادرةً على التمييز بين صديقها وعدوّها.



    القران يحثّ على التسابق في فعل الخير

    وقد أكّد القران الكريم على وجوب التسابق نحو فعل الخير، حيث وضع المسلمين في حركة منافسةٍ مع الأُمَم الأُخرى في استخدام ما اتاهم الله عزَّ وجلّ‏َ لتحقيق الخير والسعادة للناس، فقال: (لِكُلّ‏ٍ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا اتَاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ) (17).



    النتيجة

    إذن علينا أن نبدأ، وكفانا خمولاً وانزواءً، وطريق الألف خطوة تبدأ بخطوة، وحين يؤمن الناس حقّاً بأنّ العلم والتعليم فريضة إلهية، كالصلاة والصوم ونحوهما، ويمارسون ذلك كفريضةٍ سنشهد المعجزات في حركة النهضة العلميّة.



    الخلاصة



    حثّ الإسلام على طلب العلم، إلاّ أنّ البعض زعموا أنّ العلم يتنافى مع الدين ليُبعِدوا الناس عنه، ولكنّهم افتُضِحوا عندما استطاع اخرون أن يجمعوا عمليّاً بين الدين والعلم.

    ولكنّ المتأمِّل في حال المسلمين اليوم يدرك أنّ المسلمين قد تخلَّوْا عن الالتزام بأوامر الإسلام بطلب العلم ونشره، فوصلوا إلى ما هم عليه من الجهل.

    من الأسباب التي جعلت المسلمين ينصرفون عن طلب العلم:

    1 ما كرّسه الحكّامُ المسلمون من التمايز الطبقيّ بين أفراد المجتمع.

    2 ما لُقِّنَه الناسُ من وجوب تقديس العلماء والتقرُّب إليهم بدل الاهتمام بطلب العلم نفسه.

    3 ما أثاره البعض من أنّ المطلوب تحصيله من العلوم شرعاً هو العلوم الدينيّة فقط.

    والحقّ‏ُ أنّ الإسلام قد دعا إلى تحصيل كلّ علمٍ نافعٍ للناس، والأدلّةُ على ذلك كثيرة، منها:

    1 دعوة القران إلى التأمُّل ببعض الموضوعات تُعرَف اليوم بالعلوم الطبيعيّة والفلكيّة والحياتيّة.

    2 سكوتُ المعصومين (ع) عن حركة الترجمة التي نشطت في عصرهم بشكلٍ مُلفِتٍ للنظر.

    3 الأحاديث الكثيرة التي تحثّ‏ُ على طلب العلم ولو كان عند المنافق أو المشرك، أو في بلاد الكفر.

    رفض البعض أن تكون المرأة كالرجل في وجوب طلب العلم عليها، بدعوى عدم وجود أمكنة لتعلُّم الفتيات بعيداً عن أجواء الفساد والانحراف.

    والصحيح أن نؤمّن الأماكن الملائمة للمرأة، ونحقق ما تدعو الشريعةُ إليه من وجوب تعلُّم المرأة بعضَ العلوم؛ لتقوم ببعض الأعمال التي هي من مختصّاتها.

    وذهب اخرون إلى أنّ العلمَ ذو اثارٍ سلبيّةٍ على المجتمع، حيث سيتمكّن الأشرار من استخدامه للإيقاع بالناس أكثر فأكثر.

    والجوابُ: كما قد يستفيد الشرير من العلم للوصول إلى أهدافه، فإنّ المتعلم الصالح سيتمكَّن من التصدّي لمكائد الأشرار.

    فالطريق الوحيد للنجاة من التخلُّف والشقاء أن نؤمن حقّاً أنّ طلبَ العلم ونشرَه فريضة، فنسعى للخروج من ظلمات الجهل إلى نور العلم والمعرفة. والحمد لله ربّ العالمين.

    الهوامش



    (1) سورة الزمر، الاية: 9.

    (2) وسائل الشيعة، ج‏27، ص 26، باب 4 من أبواب صفات القاضي، ح 16.

    (3) بحار الأنوار، ج‏2، ص 32، باب 9 من كتاب العلم، ح 20.

    (4) راجع لسان العرب، ج 11، ص 159.

    (5) بحار الأنوار، ج‏2، ص 32، باب 9 من كتاب العلم، ح 20.

    (6) تفسير القمّي، ج‏2، ص401. كشف الظنون ل حاجي خليفة، ج1، ص78.

    (7) كشف الخفاء ل العجلوني، ج2، ص44.

    (Cool من لا يحضره الفقيه، ج‏4، ص380.

    (9) نهج البلاغة، ج4، قسم الحِكَم: الحكمة 80.

    (10) سورة العلق، الايات: 1-5.

    (11) إن سبب تسمية هذه العلوم بالدينية أو الإسلامية لا لأنها خاصة بالمسلمين، فإن الأدب العربي أو المنطق أو البلاغة غير مختصة بالمسلمين، وإنما هذه العلوم تداولت على أيدي علماء الإسلام وراجت كثيراً وازدهرت لما لها من الأثر الكبير في فهم القران والحديث، وبهذا السبب أخذت الطابع الإسلامي.

    (12) سورة البقرة، الاية: 164.

    (13) راجع: سورة الجاثية، الايات: 3-5، سورة فاطر، الايتان: 27-28، وغيرها ايات كثيرة.

    (14) أمالي الطوسي، 625-1290.

    (15) كنز العمّال، ج‏10، ص216: «مِنْ سُئل عن علمٍ نافعٍ فكتمه جاء يوم القيامة ملجِماً بلجام من نارٍ».

    (16) كمعرفة الله والنفس والمعاد وما يتعلق بذلك.

    (17) سورة المائدة، الاية: 48.

      الوقت/التاريخ الآن هو الإثنين مايو 06, 2024 7:04 pm