اللهم صلي على محمد وآل محمد
وعجل فرج امامنا صاحب العصر والزمان
المصدر شبكة المنطقة الشرقية
لسماحة لشيخ علي آل محسن القطيفي
جزم الشيعة الإمامية بصحة مذهبهم--للشيخ علي آل محسن
تلقينا بعض المسائل من شخص متحامل على مذهب الشيعة، يظهر أنه لم يطلع جيداً على مذهب الشيعة الإمامية، وتلقى ما يثار حول مذهب الشيعة وصدق تلك الأكاذيب من دون تحقيق وتثبت.
ومسائله هي:
السؤال الأول :هل أنتم مع هذه المعتقدات الدينية التي تعلمونها للعوام؟ هل ستدخلون النار أم الجنة؟
الجواب: سندخل الجنة إن شاء الله تعالى؛ لأن الله سبحانه وعد المؤمنين بدخول جنته، والله لا يخلف وعده، ونحن بهذا واثقون، والحمد لله رب العالمين.
ونحن لم نجد طريقا إلى الجنة إلا طريق أهل البيت عليهم السلام، ولذلك اتبعناهم، وإن لقينا من البلاء والعناء ما لقينا.
وأما أنت يا أخي الكريم فإنك لست واثقاً حتى من إيمانك، فكيف تثق بأنك ستدخل الجنة، ولهذا أفتى جملة من علماء أهل السنة بأنه لا يجوز للرجل أن يقول: (أنا مؤمن) إلا أن يلحقه بالمشيئة، فيقول بعد ذلك: (إن شاء الله). أو يقول: (لا أدري أنا عند الله عزَّ وجل شقي أم سعيد، أمقبول العمل أم لا). أو يقول: (أرجو إن شاء الله). (راجع كتاب الشريعة للآجري، ص 148 باب فيمن كره من العلماء لمن سأل غيره فيقول له: أنت مؤمن؟ هذا عندهم مبتدع رجل سوء. وكتاب الإبانة عن شريعة الفرق الناجية 2/862-883).
وعن قتادة أن عمر بن الخطاب قال: مَن زعم أنه مؤمن فهو كافر، ومن زعم أنه في الجنة فهو في النار. (الإبانة عن شريعة الفرق الناجية 2/869 ح 1180).
قال ابن بطة الحنبلي: فمن صفة أهل العقل والعلم أن يقول الرجل: أنا مؤمن إن شاء الله. (المصدر السابق 2/864).
وأخرج ابن بطة عن أحمد بن حنبل قال: حدّثني علي بن بحر، قال: سمعت جرير بن عبد الحميد يقول: كان الأعمش ومنصور ومغيرة وليث وعطاء بن السائب وإسماعيل بن أبي خالد وعمارة بن القعقاع، والعلاء بن المسيب، وابن شبرمة، وسفيان الثوري، وأبو يحيى صاحب الحسن وحمزة الزيات، يقولون: (نحن مؤمنون إن شاء الله)، ويعيبون مَن لا يستثني. (المصدر السابق 2/871).
وهذا كله ناشئ من شكّهم في أنهم مؤمنون كما لا يخفى، مع أن الإيمان لا بد أن يكون عن جزم ويقين، ولا يكون بالشك والظن والتخمين.
وقال ابن بطة: ولكن الاستثناء يصح من وجهين:
أحدهما: نفي التزكية، لئلا يشهد الإنسان على نفسه بحقائق الإيمان وكوامله...
ويصح الاستثناء من وجه آخر يقع على مستقبل الأعمال ومستأنف الأفعال، وعلى الخاتمة، وبقية الأعمال، ويريد أني مؤمن إن ختم الله لي بأعمال المؤمنين، وإن كنت عند الله مثبتاً في ديوان أهل الإيمان، وإن كان ما أنا عليه من أفعال المؤمنين أمراً يدوم لي ويبقى عليَّ حتى ألقى الله، ولا أدري هل أصبح وأمسي على الإيمان أم لا... فأنت لا يجوز لك إن كنت ممن يؤمن بالله وتعلم أن قلبك بيده، يصرفه كيف شاء، أن تقول قولاً جزماً حتماً: إني أصبح غداً كافراً ولا منافقاً. إلا أن تصل كلامك بالاستثناء، فتقول: إن شاء الله. فهكذا أوصاف العقلاء من المؤمنين. (المصدر السابق 2/865 – 866).
وكما لا يخفى أن كلام ابن بطة يدل على شكهم في إيمانهم؛ لأن محل الكلام هو هل أنا الآن متَّصف بالإيمان أم لا، وهذا أمر وجداني يشعر به كل مؤمن، ويدرك في نفسه أنه معتقد بالحق جازم به، وأما ما يكون في مستقبل الأيام فلا علم لنا به، فلا ينبغي لمؤمن أن يقول: (أنا سأبقى مؤمناً إلى ما بعد سنة)؛ لأن هذا أمر غيبي لا نجزم به، ولا طريق لنا إلى معرفته، فلا يصح هذا القول من هذه الجهة إلا بالاستثناء، وليس هذا موضع كلامنا.
وقولي: (إني مؤمن) لا تزكية فيه للنفس، بل هو إخبار عن واقع صحيح باعتقادي، وإنما يكون تزكية إذا ادّعيت أني كامل الإيمان وفي أعلى مراتبه؛ لأن الإيمان له مراتب ودرجات. ولِمَ لا يكون قولي ذلك من باب التحدّث بنعمة الله تعالى إذ أنعم علينا بنعمة الإيمان، وربما يكون عدم جزمي بذلك نوعاً من الجحود.
ثم إن الله تعالى أمر نبيه بقوله: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ أَعْبُدُ اللَّهَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) (يونس:104).
وحكى عن موسى عليه السلام ذلك، فقال عز من قائل: ﴿وَخَرَّ موسَى صَعِقًا فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ المُؤْمِنِينَ﴾. (سورة الأعراف: 143).
وحكاه عن السَّحَرة الذين آمنوا بموسى، فقال جل شأنه: ﴿قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ ! قَالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ ! إِنَّا نَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا أَن كُنَّا أَوَّلَ المُؤْمِنِينَ﴾. (سورة الشعراء، الآيات 49 – 51).
السؤال الثاني: آية الله تعني معجزة، وكما نعرف أن الأنبياء هم فقط آيات الله، ولهم معجزات كثيرة، أريد أن أعرف لماذا يسمي علماؤكم أنفسهم آية الله العظمى؟ وما المعجزات التي قدموها للناس مثل الأنبياء؟
الجواب: كل خلق الله آيات لله تعالى كما قال الشاعر:
وفي كل شيء له آية ....... تدل على أنه واحد
فكل إنسان آية من آيات الله تعالى، وكذا كل الحيوانات، والطيور، والأشجار، والأنهار، والبحار، والسماوات، والأرضين، وغير ذلك، فلا محذور في أن يوصف شخص بأنه آية من آيات الله تعالى.
بل إن الإنسان هو آية الله العظمى الدالة على كمال الخالق وعظمته. قال تعالى: (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) (الذريات:21)، وقال سبحانه: (يَا أَيُّهَا الْأِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ) (الانفطار:6- ، فلا محذور في أن يطلق على كل إنسان أنه آية الله العظمى.
وأما تخصيص العالم المجتهد بهذا اللقب فلأنه يرشد إلى الله ويدل عليه، فصار آية من آياته؛ لأن كل ما دل على الله تعالى فهو آية من آياته، والعالم أحد تلك الآيات.
السؤال الثالث: (سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إلا بعداً). (الكافي 1/44)، هل تعتقدون أن سماحتكم على بصيرة مع هذه المعتقدات المذهبية؟
الجواب: لا أشك طرفة عين في أني على بصيرة من ديني، وأن أتباع المذاهب الأخرى ليسوا كذلك، ونحن حاورناهم مراراً وتكراراً، وفي كل المسائل الخلافية، فوجدناهم ضعفاء منهزمين لا حجة عندهم، ولا دليل صحيح يتمسكون به في صحة مذاهبهم، بل يعمدون إلى إنكار الواضحات، ويجادلون في البديهيات، وهذا سبيل المبطل العاجز، ولو كانوا على الحق لما انهزموا أمام الشيعة الذين يراهم هؤلاء أنهم أصحاب البدعة.
قال: لماذا فرقتم أمة محمد ؟ وماذا ستقول لربك بعد موتك؟
والجواب: أن الشيعة لم يفرقوا أمة محمد صلى الله عليه وآله، وإنما العكس هو الصحيح، لأنا نقول: (إنكم مسلمون)، وأنتم تقولون: (إن الشيعة مشركون)، ونحن نقول عندما نذكركم: (إخواننا أهل السنة)، وأنتم تقولون: (الرافضة لعنهم الله)، ونحن نصلي خلفكم، وأنتم لا تصلون خلفنا، ونحن نتودد إليكم، وأنتم تستبيحون دماءنا، ونحن نرى صحة الزواج منكم، ونستحل ذبيحتكم، وأنتم لا تجوزون الزواج منا، وتحرمون ذبائحنا، فمن هو المفرق لأمة محمد يا أولي الألباب؟
ثم إن كنتم صادقين في الرغبة في عدم تفريق أمة محمد صلى الله عليه وآله، فكفوا عن فتاوى تكفير الشيعة، وتبديعهم، وإقصائهم، وتهميشهم، واستباحة دمائهم، ومصادرة حقوقهم، وكفوا عن فتاوى التحريض، والتجييش الطائفي، ونحن معكم لا نطالبكم بأكثر من ذلك، ولنر من يفرق هذه الأمة، ومن يسعى لتمزيقها وتفتيت وحدتها.
وكنا ولا نزال ندعو علماء أهل السنة لزيارتنا في بلدنا أو القيام بدعوة علماء الشيعة في المنطقة، إلا أنا لا نجد من كبار العلماء آذانا صاغية، ولا أي استجابة في هذا المجال.
قال: مذهب الشيعة دين سياسي مشبوه، خلط بين الحرام والحلال، ومبني على الكذب، حتى يمسك علماؤكم بزمام القوة والسلطة.
والجواب: أن هذا افتراء محض؛ لأن مذهب الشيعة هو أبعد المذاهب عن السياسة، ولذلك كان أتباعه مضطهدين من الخلفاء والسلاطين منذ مئات السنين.
ومن المعلوم أن أغلب البلدان حكامها من أهل السنة حتى لو كانت الأغلبية السكانية للشيعة، والسبب في ذلك هو أن مذهب الشيعة لا يجوز لأتباعه الاستيلاء على السلطة، ولو استولى شخص شيعي على السلطة فإن حكمه لا يكتسب الشرعية بالاستيلاء على الحكم بالقهر والغلبة، ولا بمبايعة الناس، بخلاف مذهب أهل السنة فإنه يجوز لأتباعه أن يستولوا بالقهر والغلبة على السلطة، ويمكن الحاكم أن يكتسب الشرعية لحكمه بمبايعة الناس الخاضعين لحكمه، حتى لو كانت مبايعتهم بغير اختيارهم.
ثم من الواضح أن مذهب أهل السنة يعلم أتباعه الخضوع للحكام الجائرين، ويمنع أتباعه من القيام ضدهم، ويعتبر الحاكم ولي أمر المسلمين، والقيام ضده شق لعصا الطاعة ومفارقة للجماعة، والأحاديث في ذلك كثيرة.
منها: ما أخرجه مسلم في صحيحه 3/1476 بسنده عن حذيفة بن اليمان، قال: قلت: يا رسول الله إنا كنا بِشَرٍّ، فجاء الله بخير، فنحن فيه، فهل من وراء هذا الخير شر؟ قال: نعم. قلت: هل من وراء ذلك الشر خير؟ قال: نعم. قلت: فهل من وراء ذلك الخير شر؟ قال: نعم. قلت: كيف؟ قال: يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي، ولا يستنون بسنتي، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس. قال: قلت: كيف أصنع يا رسول الله إن أدركت ذلك؟ قال: تسمع وتطيع للأمير وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك فاسمع وأطع.
وأما قولك: (إن مذهب الشيعة مذهب مشبوه) فهذا كلام باطل لا دليل عليه، وكان ينبغي لك أن تأتي بالدليل على دعاويك واتهاماتك، وإلا فلا قيمة لها، وكل شخص قادر على أن يصف المذاهب الأخرى بمثل ذلك، ولئن كان مذهب الشيعة مشبوهاً عندك، فهو غير مشبوه عند من اتبع الدليل، وتجرد عن التعصب والهوى، وخشى الرحمن بالغيب، ولذلك تتابع المفكرون والمثقفون من أهل السنة على التحول من مذهب أهل السنة إلى مذهب الشيعة، حتى ضجَّ من ضجَّ من علماء أهل السنة، محذرين أتباعهم من المد الشيعي، أو الأخطبوط الشيعي كما يسمونه.
والمذاهب المشبوهة هي المذاهب التي تعطي الشرعية لسلاطين الجور وأئمة الضلال، والتي تلقى الدعم المالي وغيره من أولئك السلاطين، وأما مذهب الشيعة الإمامية الذي يحاربه سلاطين الجور ولا يلقى الدعم المالي من أحد فكيف يكون مشبوهاً.
وأما قولك: (خلط بين الحلال والحرام) فهو افتراء كسابقه، ويكفي في وهنه أنك لم تقم دليلا عليه، وأنى لك بالدليل ولو كان بعضكم لبعض ظهيرا؟
واللازم عليك يا أخي أن تبين لنا ما هو الحلال وما هو الحرام الذي خلطه الشيعة حتى يكون لكلامك قيمة، أما مجرد الادعاء المعمى فلا قيمة له ولا وزن.
وأما قولك: (ومبنى على الكذب حتى يمسك علماؤكم بزمام القوة والسلطة) فهو كلام يضحك الثكلى؛ فإن الشيعة لا شأن لهم بالسلطة كما أوضحناه فيما تقدم، والسلطة قد أمسك بزمامها أهل السنة في كل البلاد الإسلامية، فإن كان الإمساك بزمام السلطة لا يتم إلا بالكذب فالشيعة برآء من كل كذب؛ لأن غيرهم هو الممسك بزمام السلطة.
قال: (جاء في الصحيحين من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن الحلال بيِّن، وإن الحرام بيِّن، وبينهما أمورٌ مشتبهاتٌ لا يعلمهن كثيرٌ من الناس، فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه.
(مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا).
والجواب: أن هذا أجنبي عن المقام، ويمكن لكل شخص أن يطبق مضمون هذا الحديث على مخالفيه، ولو شئنا أن نذكر لك أمثلة كثيرة على هذه الشبهات التي وقعتم فيها لطال بنا المقام، ويكفي اختلافكم في رضاع الكبير، وفي الزواج بنية الطلاق، وزواج المسيار، والمسفار، وغيرها، فهلا عملتم بالحديث وتركتم هذه الأنواع من الزواج، أو أن ما تتهمون به غيركم أنتم غارقون فيه؟!
وأما استشهادك بقوله تعالى: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا) فهو في غير محله، لأنه كما قلنا يمكن لكل شخص أن يطبق هذه الآية على أتباع المذاهب الأخرى، فإن الكلام معكم ليس في الآية، وإنما في تطبيقها، مع أن هذه الآية لا يراد بها المسلمون كما تظنون أنتم، وإنما يراد بها المنافقون، فإن الآيات السابقة لها كلها واردة في المنافقين، لا في المسلمين، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً * بَشِّرِ الْمُنَافِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً * الَّذِينَ يَتَّخِذُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً * وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً * الَّذِينَ يَتَرَبَّصُونَ بِكُمْ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ فَتْحٌ مِنَ اللَّهِ قَالُوا أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ وَإِنْ كَانَ لِلْكَافِرِينَ نَصِيبٌ قَالُوا أَلَمْ نَسْتَحْوِذْ عَلَيْكُمْ وَنَمْنَعْكُمْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً * إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً) (النساء: 137-142).
ثم قال سبحانه: (مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لا إِلَى هَؤُلاءِ وَلا إِلَى هَؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً) (النساء:143).
فهذه الآيات نزلت في المنافقين، ولكن مشكلتكم أنكم لم تفهموا مرادات القرآن، ولم تفهموا معانيه، وبسبب الشحن الطائفي على غيركم من المسلمين، صرتم تطبقون الآيات التي نزلت في الكفار أو في المنافقين على الطوائف الإسلامية الأخرى، وصرتم بذلك تستحلون دماء المسلمين، وانشغلتم بقتل المسلمين عن رد المعتدي الكافر، والحوادث في العراق والباكستان وأفغانستان والجزائر تدل على ذلك.
هذا كله مع الحمل على الصحة، إذا قلنا: إن سبب قتل الشيعة في هذه البلدان هو عدم فهم آيات الكتاب العزيز، وأما إذا كان السبب لذلك هو تنفيذ مخططات الأجنبي، وبث الفرقة بين أتباع المذاهب الإسلامية ليستفيد المحتل من هذا الاختلاف، فعندها يتبين من هو المشبوه ومن هو غير المشبوه؟
قال: أريد جواباً وأنا أعرف أن الرسول دعا إلى التوحيد، وإعلاء كلمة الله، وتحرير الناس من الشرك والخرافات، والرسول لم يدعوا [كذا] الناس إلى مذاهب عدة، مثل مذهبكم، ومذهب السنة، ولم يفرق المسلمين، بل جمعهم على كلمة الشهادة، وسماهم المسلمين.
والجواب: أنك في الوقت الذي قلت: (الرسول لم يدعوا [كذا] الناس إلى مذاهب عدة مثل مذهبكم ومذهب السنة) ظللت قابعاً تحت مظلة مذهب أهل السنة، فإذا كان الرسول لم يدع إلى مذهبك فلماذا أنت عاكف عليه؟ وما هي حجتك يوم القيامة؟
وأما مذهب الشيعة، وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام، فإن النبي صلى الله عليه وآله قد دعا إليه، وإليك طائفة من الأحاديث الصحيحة المروية في كتبكم:
فقد أخرج الترمذي في سننه 5/622 وغيره عن جابر بن عبد الله، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حَجّته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء يخطب، فسمعته يقول: يا أيها الناس، إني قد تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه. وصححه سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/356.
وأخرج الترمذي في سننه 5/663 أيضاً عن زيد بن أرقم وأبي سعيد، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تاركٌ فيكم ما إنْ تمسَّكتم به لن تضلوا بعدي، أحدهما أعظم من الآخر، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، ولن يتفرَّقا حتى يرِدَا عليَّ الحوض، فانظروا كيف تخلِّفونّي فيهما.
قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب. وصححه الألباني في صحيح الجامع الصغير 1/482.
وأخرج أحمد في المسند 3/14، 26، والحاكم في المستدرك 3/109، وابن أبي عاصم في كتاب السنة 2/630، وابن كثير في البداية والنهاية 5/184 وغيرهم عن زيد بن أرقم، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجّة الوداع ونزل غدير خم، أمر بدوحات فقُمِمْن ـ أي كنس ما تحتهن ـ، فقال: كأني دُعِيتُ فأجبتُ، إني قد تركتُ فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله وعترتي، فانظروا كيف تخلِّفوني فيهما، فإنهما لن يتفرَّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض...
قال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بطوله، شاهده حديث سلمة بن كهيل، عن أبي الطفيل، وهو أيضاً صحيح على شرطهما. ووافقه الذهبي.
وأخرج الحاكم في المستدرك أيضاً 3/109عن زيد بن أرقم، قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة عند شجرات خمس دوحات عظام، فكنس الناس ما تحت الشجرات، ثم راح رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية فصلى، ثم قام خطيباً، فحمد الله وأثنى عليه وذكَّر، ووعظ ما شاء الله أن يقول، ثم قال: أيها الناس، إني تاركٌ فيكم أمرين لن تضلّوا إن اتَّبعتموهما، وهما كتاب الله وأهل بيتي عترتي...
وأخرج الحاكم في المستدرك 3/148، وابن أبي عاصم في كتاب السنة 2/630 وغيرهما عن زيد بن أرقم أيضاً، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تاركٌ فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرَّقا حتى يرِدا عليَّ الحوض.
قال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط الشيخين ولم يخرجاه. ووافقه الذهبي.
وأخرج أحمد بن حنبل في المسند 5/181،189، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/162، والسيوطي في الجامع الصغير 1/402، ورمز له بالصحة، وابن أبي عاصم في كتاب السنة، والمتقي الهندي في كنز العمال وغيرهم، عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تارك فيكم خليفتين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يتفرّقا حتى يرِدا علي الحوض.
قال الهيثمي: رواه أحمد وإسناده جيد. ، وقال 2/170: رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات. وصحّحه الألباني في صحيح الجامع الصغير 1/482.
وأخرج أحمد في المسند 3/17، وابن سعد في الطبقات الكبرى 2/194، وغيرهما، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: إني أوشك أن أُدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله عزَّ وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يرِدا عليَّ الحوض، فانظروني بمَ تخلّفونّي فيهما.
قال الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 4/357: وهو إسناد حسن في الشواهد.
وأخرج ابن حجر في المطالب العالية 4/65، والبوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة 9/194، والطحاوي في مشكل الآثار وغيرهم، عن علي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ في حديث ـ قال: وقد تركتُ فيكم ما إن أخذتم به لن تضلّوا: كتاب الله، سببه بيده، وسببه بأيديكم، وأهل بيتي.
قال ابن حجر: هذا إسناد صحيح. وقال البوصيري في مختصر إتحاف السادة المهرة : رواه إسحاق بسند صحيح.
وأخرج البوصيري في مختصر الإتحاف 8/461 عن زيد بن ثابت، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تاركٌ معكم ما إن تمسَّكتم به لن تضلّوا: كتاب الله عزَّ وجل وعترتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض.
قال البوصيري: رواه أبو بكر بن أبي شيبة وعبد بن حميد، ورواته ثقات.
وأخرج هذا الحديث بنحو ما تقدم وبألفاظ أخرى متقاربة: أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة 1/172، 2/572، 585، 603، 779، 786، والهيثمي في مجمع الزوائد 9/162وما بعدها ، والسيوطي في تفسيره الدر المنثور في تفسير الآية 23 من سورة الشورى ، وفي إحياء الميت ص 28، 29، 39، 40، 48، 55، 56. وأبو نعيم الأصفهاني في حلية الأولياء 1/355، والنسائي في خصائص أمير المؤمنين عليه السلام ص 96، وأبو بكر بن أبي شيبة في مسنده 1/108، والدارمي في السنن 2/432، والبيهقي في السنن الكبرى 2/148، 10/114 ، وابن الأثير في جامع الأصول 1/187، والطبراني في المعجم الكبير 3/62 – 65، والصغير 1/135، وغيرهم كثير.
فهل ترى يا أخي العزيز أن كل هذه الأحاديث لا تكفي في الدلالة على لزوم اتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام الذي هو مذهب الشيعة نفسه؟
ثم إن كل المذاهب المعروفة هي مذاهب إسلامية، وأتباعها المنتمون إليها مسلمون، والنبي صلى الله عليه وآله وإن لم يدع إلى مذهب بعينه، ودعا إلى الإسلام، إلا أن ما عليه واحد من هذه المذاهب الإسلامية هو ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله، وإلا كان كل المسلمين على ضلالة، وهذا ما أجمع المسلمون على بطلانه، غاية الأمر أن أتباع كل مذهب يدَّعون أن مذهبهم هو الإسلام الذي دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وإن كان قد تسمى باسم معين.
ومن أجل ذلك ينبغي لكل باحث أن يتفحص المذاهب كلها ليعلم ما هو المذهب الصحيح، وما هو المذهب الفاسد، وهذا إنما يعرف بالدليل، لا بمجرد الادعاءات الفارغة، فإن الكل يدعي وصلا بليلى.
قال: وأنا أشاهد أنكم تدعون إلى الشرك، والخرافات، وقصص لا تصح، ومغالطات شرعية، عن طريق اسم مذهب الشيعة.
والجواب: أن هذا مردود بأنك لا تعرف معنى الشرك أصلاً، فكيف حكمت على ممارسات الآخرين بأنها شرك؟ وإنما أنت تردد ما يقوله علماء السلفية بدون معرفة، وقد بحثت في كلمات علماء السلفية فوجدت أنهم يعرفون الشرك بأنه صرف شيء من العبادة لغير الله، ثم وجدت أنهم لم يتفقوا على معنى صحيح للعبادة، فأدخلوا في العبادة ما ليس منها، فصاروا يخلطون هذا بذاك، فكفروا المسلمين بجهل وقلة معرفة.
وأما زعمك بأن مذهب الشيعة مشتمل على خرافات ومغالطات وقصص لا تصح فهذا افتراء محض عليك إثباته، وأنى لك بذلك، وكل فئة تدعي ذلك في مذاهب خصومها، والمعول عليه هو الدليل لا الادعاءات المحضة، ونحن قد دل الدليل عندنا على أن مذهب الشيعة الإمامية هو المذهب الحق الخالي من بدع الشرك والخرافات والمغالطات، وأنه هو المذهب الذي لا يقبل الله سواه، وعندنا الدليل على ذلك من كتب الخصوم، وقد ذكرنا أحاديث صحيحة عند أهل السنة دلت على لزوم اتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام، فما أنت صانع يوم الحساب، يوم لا ينفع مال ولا بنون؟
قال: وعلمائكم [كذا] دسو [كذا] السموم في عقول الناس، وأخفوا عن الناس الحقيقة، ويبيعون الوهم والخيال على الناس العوام وقليلين [كذا] العلم باسم حب أهل البيت، ومزقوا أمة محمد إلى مذاهب.
والجواب: أن هذا الكلام مردود جملة وتفصيلاً؛ لأن هذا الكلام كله اتهامات محضة لا دليل عليها، بل دل الدليل على خلافها، ويمكن لخصمك أن يدعي ذلك في علماء مذهبك.
ثم ما هي الحقيقة التي أخفاها علماء الشيعة؟ هلا أوضحتها لنا وبينتها بجلاء؟
هل الحقيقة المخفية هي لزوم اتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام التي أخفاها علماء المذاهب الأخرى، فلا تكاد تسمع أحداً منهم يذكر حديث الثقلين الذي ذكرناه سابقاً، وإذا ذكر بعضهم حديثا قال: (إني مخلف فيكم الثقلين: كتاب الله وسنتي)، وهو حديث ضعيف، وإذا سئل عن قوله صلى الله عليه وآله: (كتاب الله وعترتي) قال: ضعيف، وهو يعلم أنه صحيح، حتى إن كثيراً من عوام أهل السنة لم يسمعوا بحديث الثقلين المشتمل على لزوم التمسك بكتاب الله وعترة النبي صلى الله عليه وآله.
فمن هو الذي أخفى هذه الحقيقة المهمة؟
إن بعض المتشيعين السودانيين وغيرهم، كتبوا كتباً، فذكروا أن هذه الحقيقة أخفاها عنهم علماء أهل السنة، ومنهم معتصم سيد أحمد كتابا أسماه: (الحقيقة المجهولة)، وكتب متشيع آخر هو هشام آل قطيط كتابا أسماه: (ومن الحوار اكتشفت الحقيقة).
وأما قولك: (إن علماء الشيعة يبيعون الوهم والخيال)، فهذا كلام إنشائي وعليك إثباته، وإنما يبيع الوهم والخيال على الناس من يوهمهم بأن ربهم له أعضاء، كالوجه، واليدين، والعينين، والأصابع، والساق، وأنه يروح ويجيء، ويصعد وينزل، فهذه هي الأوهام التي باعها على العوام من لم يفهم النصوص القرآنية على وجهها الصحيح.
وأما من وحد الله تعالى ونزهه عن مشابهة خلقه فهو لم يبع عليهم وهماً ولا خيالاً.
قال: وإذا ظهر عالم دين على برنامج تلفزيوني مثل القنوات الإيرانية، والفرات، والسلام، نشاهد على يمين الشاشة كلمات شرك (نعوذ بالله)، مثل: يا حسين، ويا علي، والحسينية، وغيرها كثير، والذي يشرك يدعو إلى الجاهلية، ويعتبر عدو الله ورسوله بنص القرآن.
والجواب: أنك تركت انتقاد ما يقوله أولئك العلماء، وصرت تنتقد الخلفية التي وضعها مخرج البرنامج بعد ذلك، فهذا هو العجب العجاب!!
والظاهر أن تلك الخلفية التي وضعها المخرج جعلتك لا تسمع ما كان يقوله أولئك العلماء، فلم تستفد من برامجهم مع شديد الأسف، ولعلك لو سمعت بعض كلامهم بإنصاف لتغير حالك إلى الأحسن، ولكني ماذا أصنع لك إن كنت غير موفقاً؟
ثم إن قول: (يا حسين) و(يا علي) وما شاكلهما ليس شركاً، من أقنعك بأن هذا شرك؟ وما هو دليله ودليلك على أن قول ذلك شرك؟
ألم تسمع بأن عمر بن الخطاب قال: (يا سارية الجبل)، (صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة 3/101 ح 1110).
فنادى عمر بن الخطاب غائباً عنه في بلاد فارس، فلا أدري لماذا لم يكن ذلك شركاً، مع أن من نادى عليا أو حسينا فإنه أشرك؟ مع أن هذا النداء كقولك مناديا زيداً وعمراً: (يا زيد، ويا عمرو)، لا فرق بينهما إلا في أن زيدا وعمراً حيان بنظرك، وأما علي والحسين عليهما السلام فهما ميتان بحسب ظنك، وبما أن الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون، وعلي والحسين عليهما السلام كانا شهيدين من غير شك، فهما حيان، فنداؤهما نداء للحي من دون فرق.
غاية الأمر أن الحي ربما يسمع نداءك وربما لا يسمعه، فسماعه وعدم سماعه ليس دخيلا في جعل هذا النداء شركا، وذاك ليس بشرك.
وفي هذا كلام طويل ليس هذا موضع بيانه.
قال: وطلب الدعاء من الحي أو الميت بأن يطلب منه أن يدعو الله له أن يدخله الجنة. كل ذلك من الشرك الأكبر الذي ذكره القرآن: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء)، وذكر القرآن: (إن الشرك لظلم عظيم)، وذكر القرآن: (إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار).
والجواب: أن هذا الكلام مردود بإجماع المسلمين كلهم حتى السلفية على أن طلب الدعاء من الحي جائز، ولا محذور فيه. وكيف يكون طلب الدعاء شركاً وأبناء يعقوب سألوا أباهم أن يدعو لهم، قال تعالى: (قَالُوا يَا أَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا إِنَّا كُنَّا خَاطِئِينَ * قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) (يوسف: 97، 98)، وعمر بن الخطاب طلب الدعاء ـ على رأي ابن تيمية ـ من العباس لما صار القحط في قضية معروفة مروية في صحيح البخاري وغيره، فهل أشرك أبناء يعقوب وأشرك عمر بن الخطاب بذلك؟
ولم أجد من فرق بين أن طلب الدعاء بدخول الجنة أو بالرزق أو غير ذلك، فكله جائز، لأن المدعو في الحقيقة هو الله تعالى، وهو الذي بيده حاجات العباد، فكيف يتحقق الشرك بهذا يا أولي الألباب؟
وطلب الدعاء من الميت غايته أنه لا يفيد شيئاً؛ لأن الميت لا يعلم بطلب السائل، لا أنه شرك بالله تعالى؛ لأن الداعي لم يعبد ذلك الميت، ولا يعتقد أن حاجات العباد بيده، وإنما طلب حاجته من الله تعالى بواسطة الميت الذي له مقام كبير عند الله سبحانه، كما يطلب المؤمن الدعاء من الحي الذي هو أقرب إلى الله منه.
وإذا كان طلب الدعاء من الميت شركاً، فطلبه من الحي أيضاً شرك، ولا وجه للتفريق بين الأمرين، إلا أن علماء السلفية يفرقون بين الموردين، فيحكمون بكفر من دعا ميتا، ولا يحكمون بكفر من دعا حيا، وهذا لا وجه له كما أوضحنا؛ لأن الدعاء نفسه إن كان عبادة فعبادة الحي شرك أيضاً، وإلا فلا شرك في الموردين.
ولا يخفى أنا لا نشك في أن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء، وأن الشرك ظلم عظيم، وأن من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار، إلا أن الإشكال في حكمكم على كثير من المسلمين بأنهم مشركون بغير حق، مع أنكم لم تفهموا معنى الشرك، ولا معنى العبادة كما مر بيانه.
قال: الكذب على الأمة أجمعين، مثل الإمام جعفر، والصادق [كذا]، والإمام علي، والنبي، وسب الصحابة وغيرهم، ولا يتكلمون بالبرهان، بل تأويل قصص، وخرافات؛ ليضحكو [كذا] على الناس بغرض السيطرة على سياستهم وحكمهم، وكل ما يأتي من إيران يعتبر ديناً سياسة، وليس هو بدين محمد ، وإنما هو مذهب للتشويش على دين محمد )،
والجواب: أنه من الواضح أن دعوى أن الشيعة كذبوا على الإمام أمير المؤمنين والإمام جعفر الصادق عليهما السلام تحتاج إلى إثبات بدليل صحيح، وأما تكرار ما يقوله أعداء الشيعة من دون معرفة، وبدون تثبت فهو ظلم عظيم وذنب كبير.
ثم إنك إذا كنت عالماً بما قاله أمير المؤمنين والإمام جعفر الصادق عليهما السلام فلك الحق في أن تقول إذا نسب إليهما ما يخالف علمك: (إنه كذب)، أما إذا كنت لا تعلم بشيء من أقوال هذين الإمامين، وتظن أنهما لا يخالفان ما ورثته عن آبائك وأجدادك، فلا حق في أن تتهم بالكذب من ينسب إليهما شيئاً يخالف معتقدك، إذ ربما يكون معتقدك في نفسه باطلاً.
والعجيب منك أن تدعي أن الشيعة لا يتكلمون بالبرهان، وأنت في كل مزاعمك لم تأت ببرهان واحد، فأنت تعيب غيرك بعيب هو فيك، بل تعيب البريء بعيبك، فصبر جميل، والله المستعان على ما تصفون.
وأما قصة السيطرة على سياسة الناس وحكمهم فلا أدري من غرسها في عقلك، وأقنعك بها، فهل تصدق يا أخي أن خرافات الشيعة وقصصهم كما تزعم تمكّن الشيعة من الاستيلاء على حكم البلاد الإسلامية؟ بأي عقل تفكر؟ وبأي منطق تتكلم؟!
وزعمك أن مذهب الشيعة مذهب للتشويش على دين محمد صلى الله عليه وآله فهو كلام أجوف؛ لأنه كيف يمكن للخرافات والقصص الخرافية أن تشوش على دين رسول الله صلى الله عليه وآله الذي هو أشرف الأديان وأكملها وأتمها وأفضلها؟
إن مذهب الشيعة لا يشوش على دين رسول الله صلى الله عليه وآله؛ لأنه هو الإسلام الخالص الصحيح الخالي من التحريف والتبديل، وإنما يعمد مذهب الشيعة إلى الخرافات المنسوبة إلى هذا الدين العظيم فيبطلها، إلا أن المشكلة أنك يا أخي وتتعصب لتلك الأباطيل، وتظن أنها حق وهي ليست كذلك، وحيث إن الشيعة يأتون بأدلة على كلامهم من كتبك فمن الطبيعي أن ذلك يشوش ذهنك، ويجعلك متحيراً بين عقلك الذي يرشدك إلى قول الشيعة، وبين اتباع الهوى الذي يصدك عنها، فمذهب الشيعة يشوش عليك لا على دين محمد صلى الله عليه وآله.
قال: والغريب أن كل عالم دين شيعة اعتبر نفسه آية الله ، أريد ان اعرف من عطاهم لقب آية الله؟
والجواب: أنا قلنا لك فيما سبق: (إن كل إنسان هو آية من آيات الله تعالى)، وعليه فلا حاجة لأن يعطى شخص هذا الوصف؛ لأنه وصف ثابت لكل أحد، ولك أنت أن تعتبر نفسك أيضاً آية من آيات الله تعالى، فلن يجادلك في ذلك عاقل منصف.
إذن فإطلاق آية الله على أي شخص ليس بغريب كما توهمت، إنما الغريب هو وصف ابن تيمية بأنه شيخ الإسلام، مع أن ابن تيمية كفره كثير من علماء أهل السنة، ومنهم ابن حجر المكي، حيث قال فيه: ابن تيمية عبد خذله الله، وأضله، وأعماه، وأصمه، وأذله، وبذلك صرح الأئمة الذين بينوا فساد أحواله، وكذب أقواله، ومن أراد ذلك فعليه بمطالعة كلام الإمام المجتهد المتفق على إمامته وجلالته وبلوغه مرتبة الاجتهاد أبي الحسن السبكي، وولده التاج، والشيخ الإمام العز بن جماعة، وأهل عصرهم، وغيرهم من الشافعية، والمالكية، والحنفية، ولم يقصر اعتراضه على متأخري الصوفية، وبل اعترض على مثل عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما كما يأتي. والحاصل أن لا يقام لكلامه وزن، بل يرمى في كل وعر وحزن، ويعتقد فيه أنه متبدع ضال، ومضل، وجاهل غال، عامله الله بعدله، وأجارنا من مثل طريقته وعقيدته وفعله، آمين. (الفتاوى الحديثية: 114).
وقال: وما زال يتتبع الأكابر حتى تمالأ عليه أهل عصره، ففسقوه، وبدّعوه، بل كفره كثير منهم. (نفس المصدر: 115).
وقال في معرض جوابه على عقائد الحنابلة وعقائد الإمام أحمد بن حنبل: وإياك أن تصغي إلى ما في كتب ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وغيرهما ممن اتخذ إلهه هواه، وأضله الله على علم، وختم على سمعه وقلبه، وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله، وكيف تجاوز هؤلاء الملحدون الحدود، وتعدوا الرسوم، وخرقوا سياج الشريعة والحقيقة، فظنوا بذلك أنهم على هدى من ربهم، وليسوا كذلك. (المصدر السابق: 203).
قلت: إذا كان ابن تيمية قد كفره وفسقه أبناء مذهبه، وبدَّعوه وحكموا بضلاله، فكيف يجوز لكم أن تسموه شيخ الإسلام، فمن أعطاه هذا اللقب يا أخي العزيز؟
قال: أهل البيت والصحابة ما لقبوا بآية الله، وما كانوا آيات لله، بل كانوا مؤمنين وصالحين. الله يقول في القرآن: (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار)، يعني لا بد أن نكون مؤمنين، ونعمل الصالحات حتى نبتعد عن عذابه، وننال رضاه عز وجل.
والجواب: أن النبي صلى الله عليه وآله وكل أصحابه لم يلقبوا بشيخ الإسلام، ولم يلقبوا بالألقاب الأخرى التي جعلتموها لعلماء مذهبكم: كالإمام أو الحافظ، أو ما شاكلهما من الألقاب الأخرى.
ثم إن أهل البيت هم أئمة الدين، ولقب (آية الله) دون لقب (إمام) بمراحل، وأنت استكثرت على علماء الشيعة لقب (آية الله) الذي يجوز إطلاقه على كل أحد كما أوضحنا، ولم تستكثر إطلاق لقب (الإمام) أو (الحافظ) على كثير من علماء مذهبك، كما لم تستكثر إطلاق لقب: (شيخ الإسلام) على ابن تيمية، فلا أدري لم تكيل بمكيالين، وتنظر بعين واحدة فقط؟!
قال: عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (كفى بالمرءِ كَذِباً أنْ يُحدِّثَ بِكُلَّ ما سمِعَ(، والأخطر من ذلك قول الرسول : من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار، ولكن (لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها) الأعراف 179. ويكفيك قول الله تعالى: ( لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ ..... ) (آية 82 سورة المائدة.
والجواب: أنا لا نختلف معك في هذه الآيات الشريفة، وإنما نختلف معك في تطبيقها، فهل تنطبق علينا أو على غيرنا؟ هذا هو ما تحتاج أنت إلى معرفته بالدليل الصحيح!!
وإذا كنت تزعم أنها تنطبق على الشيعة فتحتاج إلى إثبات ذلك بالدليل الصحيح، لا بالدعاوى التي لا قيمة لها.
قال: انقذ نفسك قبل أن تموت، هذه نصيحة مني إليك، واترك المشكوك فيه، وآمن صح، واعمل الصالحات. اعبدوا الله فقط، ولا تكونوا مذاهب، وتتبعون أناساً على أنهم علماء، مع أنهم لا يعرفون ماذا يقولون.
والجواب: أني أشكرك على هذه النصيحة الثمينة.
وبالمناسبة أود أن أقول لك: إننا الشيعة الإمامية أنقذنا أنفسنا باتباع أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله كما أمرنا نبينا صلى الله عليه وآله، وتركنا اتباع غيرهم ممن لم نؤمر باتباعهم.
وبتوضيح أكثر أقول: إننا نظرنا في أحاديث النبي صلى الله عليه وآله، فرأينا أنه صلى الله عليه وآله أمر الأمة باتباع أهل بيته في حديث الثقلين الصحيح السند عندنا وعندكم، ولم نجد حديثاً واحداً صحيحاً، لا عندنا ولا عندكم يأمرنا باتباع عموم الصحابة الذين أخذتم عنهم دينكم.
لهذا كله أنقذنا أنفسنا باتباع أمر النبي صلى الله عليه وآله، فتمسكنا بأهل بيت نبيه، وتركنا غيرهم.
فلا أدري ما هي حجتك يوم القيامة في عدم اتباع أهل بيت النبي واتباع غيرهم؟ فماذا أنت قائل لربك غداً، إذا قال لك: إنك كنت على ضلال؛ لأنك لم تأتمر بأمر النبي صلى الله عليه وآله الثابت عندك بسند صحيح، صحّحه جملة وافرة من علماء مذهبك؟
ولعلك تقول: إن الشيعة لا يتبعون أهل البيت عليهم السلام، وإنما افتروا أكاذيب نسبوها لأهل البيت عليهم السلام.
وهذا الزعم مكابرة واضحة، وإنكار أمر بديهي؛ لأنكم لا تعرفون مذهب أهل البيت عليهم السلام، فلا تدرون من وافقه، ومن خالفه، ونحن مع ذلك أجبنا على هذه المكابرة بعدة أدلة ذكرناها في كتابنا: (مسائل خلافية حار فيها أهل السنة ـ في آخر فصل منه: من هي الفرقة الناجية؟)، فراجعه فإنه مهم.
ولو سلمنا أن الأحاديث التي عند الشيعة لم تصدر من أهل البيت عليهم السلام، وأنها مكذوبة عليهم، فنحن يوم القيامة معذورون عند الله تعالى؛ لأنا بحثنا عن أقوال أهل البيت عليهم السلام، فلم نجدها إلا عند الشيعة، فعملنا بها، فإن أصبنا فهذا هو المطلوب، ونحن بذلك ناجون فائزون، وإن أخطأنا فنحن معذورون؛ لأنه لا يوجد أحاديث أخرى منسوبة إلى أهل البيت غير هذه الأحاديث.
وأما أنتم فإن كان ما عند الشيعة من أحاديث هي أحاديث أهل البيت عليهم السلام، فأنتم تركتموها عن عمد وإصرار، ولم تعملوا بها، فتكونون بذلك هالكين ضالين؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله قال: (ما إن تمسكتم بهما ـ أي الكتاب والعترة النبوية ـ فلن تضلوا بعدي أبدا)، ومعنى ذلك أنكم إذا لم تتمسكوا بهما فسوف تضلون.
وأما إذا كانت تلك الأحاديث ليست أحاديث أهل البيت عليهم السلام فلا عذر لكم حينئذ؛ لأنكم لم تبحثوا عن أحاديثهم عليهم السلام، ولم تعتنوا بها، فأنتم هالكون على كل حال.
فما تقول يا أخي العزيز في ذلك؟؟
ولا تظن يا أخي العزيز أن النبي صلى الله عليه وآله يأمر الأمة باتباع أهل البيت عليهم السلام، ثم لا يكون لحديث أهل البيت عليهم السلام عين ولا أثر، لا عند الشيعة ولا عند غيرهم؛ لأن قول ذلك يستلزم الطعن في النبوة والعياذ بالله؛ لأنه صلى الله عليه وآله أمرنا بأمر لا يمكن لنا امتثاله، وهذا تكليف بالمحال، لا يمكن صدوره من الحكيم.
وقد أعجبني قولك: (واترك المشكوك فيه، وآمن صح)؛ لأن هذا هو ما صنعناه، فإن اتباع غير أهل البيت عليهم السلام مشكوك فيه؛ لأن حديثهم ربما يكون صدقاً وربما يكون كذباً، وما عندكم من أحاديث ربما تكون صادرة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، وربما تكون مكذوبة أو من دسائس الأمويين، فهي على كل حال مشكوك فيها حتى لو كانت صحيحة السند عندكم.
وأما أحاديث أهل البيت عليهم السلام فهي غير مشكوك فيها؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله أمرنا بالتمسك بهم، والأخذ عنهم، وإن لم نفعل فلا محيص عن الوقوع في الضلال، وهذا يدل على أن أحاديثهم عليهم السلام لا شك فيها.
وأعجبني أيضاً قولك: (ولا تكونوا مذاهب، وتتبعون أناساً على أنهم علماء، مع أنهم لا يعرفون ماذا يقولون)؛ لأن هذا هو الذي صنعناه أيضاً؛ فإن مذهب الشيعة الإمامية مذهب واحد، وأما أهل السنة فإنهم اختلفوا في الفقه على مذاهب متعددة: كالحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنبلية. واختلفوا في الأصول على مذاهب متفرقة: كالأشاعرة، والسلفية، والماتريدية.
فمن الذين افترقوا إلى مذاهب متعددة: الشيعة الإمامية أو أهل السنة؟
وأود أن ألفت نظرك إلى أن الشيعة إنما يتبعون أئمة أهل البيت عليهم السلام، فهل تظن أن هؤلاء الأئمة الأطهار الذي أجمع الكل على جلالتهم، وعلمهم، وفضلهم وطهارتهم، لا يعرفون ماذا يقولون؟
وإذا أردت أن تعرف من أولئك الذين لا يعرفون ماذا يقولون فاقرأ معي ما ذكرتموه في كتبكم عن أئمة مذاهب أهل السنة، وخذ هذا هدية مني إليك:
قال أحمد بن حنبل: ما قول أبي حنيفة والبعر عندي إلا سواء. (تاريخ بغداد 13/439).
وقال الشافعي: نظرت في كتاب لأبي حنيفة فيه عشرون ومائة، أو ثلاثون ومائة ورقة، فوجدت فيه ثمانين ورقة في الوضوء والصلاة، ووجدت فيه إما خلافاً لكتاب الله، أو لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو اختلاف قول، أو تناقض، أو خلاف قياس. (حلية الأولياء 10/103).
وروى الخطيب عن أبي بكر بن أبي داود أنه قال لأصحابه: ما تقولون في مسألة اتفق عليها مالك وأصحابه، والشافعي وأصحابه، والأوزاعي وأصحابه، والحسن بن صالح وأصحابه، وسفيان الثوري وأصحابه، وأحمد بن حنبل وأصحابه؟ فقالوا: يا أبا بكر، لا تكون مسألة أصح من هذه. فقال: هؤلاء كلهم اتفقوا على تضليل أبي حنيفة. (تاريخ بغداد 13/394).
وذكروا أن مالك بن أنس بكى في مرض موته، وقال: والله لوددتُ أني ضُرِبتُ في كل مسألة أفتيتُ بها، وليتني لم أُفتِ بالرأي. (شذرات الذهب 1/292. وفيات الأعيان 4/137. الإحكام في أصول الأحكام 6/224. جامع بيان العلم وفضله 2/1072).
وذكر الذهبي عن الهيثم بن جميل قال: سمعت مالكاً سُئل عن ثمان وأربعين مسألة، فأجاب عن اثنتين وثلاثين منها بـ (لا أدري).
وعن خالد بن خداش، قال: قدمتُ على مالك بأربعين مسألة، فما أجابني منها إلا على خمس مسائل. (سير أعلام النبلاء 8/77).
وروى الخطيب في تاريخ بغداد 13/445 عن أحمد بن حنبل أنه سُئل عن مالك، فقال: حديث صحيح، ورأي ضعيف.
وعن مالك أيضاً أنه ربما كان يُسأل خمسين مسألة، فلا يجيب في واحدة منها. (فتاوى ومسائل ابن الصلاح 1/13).
ونقل ابن عبد البر عن الليث بن سعد أنه قال: أحصيت على مالك بن أنس سبعين مسألة كلها مخالفة لسُنة رسول الله صلى الله عليه وسلم مما قال فيها برأيه، قال: ولقد كتبت إليه أعظه في ذلك. (جامع بيان العلم وفضله 2/1080).
وقيل ليحيى بن معين: والشافعي كان يكذب؟ قال: ما أحب حديثه ولا ذِكْره. (جامع بيان العلم وفضله 2/1083).
واشتهر عن يحيى أنه كان يقول عن الشافعي: إنه ليس بثقة. (المصدر السابق 2/1114).
وأخرج ابن حجر في توالي التأسيس، ص 177 عن محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنه قال: كان الشافعي قد مرض من هذا الباسور مرضاً شديداً، حتى ساء خُلُقه، فسمعته يقول: إني لآتي الخطأ وأنا أعرفه.
ولو أردنا أن ننقل لك ما قالوه في أئمة مذاهبكم لطال بنا الكلام، فهل ترى الآن أن أهل البيت عليهم السلام لا يعرفون ما يقولون، وغيرهم يعرفون ما يقولون؟
قال: إذا تريد أن تكون مؤمناً وصالحاً اتبع الآتي :
عن عمر رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقال: يا محمد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا)، قال: صدقت، فعجبنا له، يسأله ويصدقه؟ قال: فأخبرني عن الإيمان، قال: (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وتؤمن بالقدر خيره وشره)، قال: صدقت، قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، قال: فأخبرني عن الساعة، قال: (ما المسؤول عنها بأعلم من السائل)، قال: فأخبرني عن أماراتها، قال: (أن تلد الأم ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان)، ثم انطلق، فلبثت مليا، ثم قال: (يا عمر أتدري من السائل؟) قلت: الله ورسوله أعلم، قال: (فإنه جبريل، أتاكم يعلمكم دينكم). رواه مسلم.والجواب: أن هذا الحديث حجة عليك لا لك؛ لأن هذا الحديث يدل على أمور ثلاثة:
1- أن الشيعة الإمامية مسلمون؛ لأنهم يشهدون ألا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، ويقيمون الصلاة، ويؤتون الزكاة، ويصومون شهر رمضان، ويحجون إلى بيت الله الحرام، وهذا لا ينكره إلا مكابر.
2- أن الشيعة مؤمنون؛ لأنهم يؤمنون بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره.
3- أن الشيعة محسنون؛ لأنهم ي
السبت يوليو 13, 2013 2:06 am من طرف الورده
» باك المنتدى
السبت يوليو 13, 2013 1:58 am من طرف الورده
» افكار للرفوف رووعه
الجمعة يونيو 28, 2013 5:19 pm من طرف الورده
» تصميم ازياء(اول تجربه لي )
الجمعة يونيو 28, 2013 5:17 pm من طرف الورده
» طريقة عمل آيسكريم~..
الجمعة فبراير 01, 2013 10:42 pm من طرف الورده
» عندمآإ ........
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:59 pm من طرف الورده
» يا علي ( رسمتي )
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:55 pm من طرف الورده
» ،،دفتر حضور وغياب ارجو التثبيت ،،
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:47 pm من طرف الورده
» عضوين في قفص المواجهه
السبت ديسمبر 29, 2012 6:52 pm من طرف الورده