روعة الحب والزواج

{ 4 }
أما النظريَّه التاليه فهى نظريَّة الآله
البشريَّه التى تتحرَّك بفعل الغرائز التى
تحرِّك الإنسان وتحفِّزه لتحقيق رغبات معيَّنه ,
كالإنتاج مثلاً لبناء صروح وقواعد الإنماء على
أرض صلبه تنبت فيها أشجار الأمان
المثمره بفاكهه مِلؤها الشوق الغزير
ونتيجةً للإلحاح وضغط نفسى وهذه النظريَّه
أيضاً تعتبر الجنس شئ أساسى
فى حياة الإنسان لأنه يشكل الأساس الأوَّل
فى إرتباط أنسان بإنسان , وأنه أحد الدوافع
الأساسيَّه للزَّواج .
من الممكن أن يتواجد بدون حب .
ولكن الزواج لا يمكن أن يقوم
بدون جنس . وإن كان الجنس ممكن تواجده
بدون حب وبدون زواج....
وبذلك يتحرَّك الإنسان من الخارج إلى الدَّاخل
. يتحرَّك بحريَّه مُطلقه دون سيطرة وعيه
الدَّاخلى عليهِ . وهذا الوعى فقط يتواجد
كنتيجه وإستجابه للمؤثرات الخارجيه
والتى تحرِّك غرائزه .
إذاً وعى الإنسان وفقاً لنظرية الآله
يُبنى على أساس هذه العلاقه بالخارج
بما فيها من منبِّهات ومثيرات والتى
لاعلاقه لها مباشرةً بتلبية الغرائز البشريَّه


{ 5 }
ثم نأتى إلى النظريَّه الإجتماعيَّه
وهى نظريَّه تفسِّرالإنسان فتعتبره إبن بيئه
محكوم بعادات وتقاليد وميراث حضارى
وثقافى أملى عليه مفاهيم وفرض عليه
أسلوب حياته وحدد له خطوات مساره
فى الحياة الدنيويَّه . والمعنى فى النهايه
إن الأنسان هو حيوان إجتماعى ناطق
وإن الأسره هى الشكل .
أمَّا الهدف فهو الأطفال وبذلك
فالإنسان مساق للحفاظ على هذا النُّوع .
وإذا قلنا من أين يتحرَّك الإنسان ؟
قد تجيبنا نظريَّة الوعى التى تؤكِّد
حرِّية الإنسان . بينما تشير نظريتا
الغرائز والنظريَّه الإجتماعيَّه العكس
على عبوديَّة الإنسان وإلغاء إرادته .
فنظريَّة الوعى تؤكِّد على الإراده
الحُرَّه وسمو الطبيعه البشريَّه السمحاء
كما تثمِّن وتثنى على الدُّور الأوَّل
والأساسى للعلاقه الإنسانيَّه والتى
لابُدَّ أن يكون جوهرها حُباً .
وبدون ذلك لا يمكن أن تستقيم حياه
مثاليَّه متكامله .
{ 6 }
كما ربطت هذه النظريَّه كل الفضائل
البشريَّه بالحُب والشرف والوفاء والإخلاص
والصِّدق والتعاطُف والتراحُم
ولم تُسقِط دور الجسد ... بل إعتبرت
الجسد وسيلة الوعى للإتِّصال بالخارج
أى أنَّه أداة . ولكنَّه إمتداد للذات ...
لهذا فالجسد يكتسب سمو قُدسيَّته وبالتالى
لا تتحكَّم فيه الغرائز . إنَّما وعى الإنسان
هو الذى يسبغ على هذه الغرائز معناً
مُغاير عن المعنى المادى المباشِر .
إنَّه نظريَّة الوعى السائِد لينقل الجسد
الإنسانى إلى مستوى آخر ويصبح
الجِنس هو إمتداد لعلاقة حُب متساميه .
ولا يمكن أن يتواجد بالشكل الأصح
والأكمل إلاَّ فى ظل علاقة حُب
حميمه ساميه تنبع من الوجدان .
وحسب نظريَّة الوعى الإنسانى
فإنَّ الحُب لايمكن أن يتواجد بدون
مبرر . وبدون سبب . وتلك قُدسيَّتُهُ
التى أكتسبها من كونِهِ نفَحَةٌ إلاهيَّه
إختصَّ بها الله ســــبحانه وتعالــى
للذات البشريَّه حتَّى يتواجد فيها
عُنصرى الجمال والسعاده وأيضاً
كوسيله لتحقيق الخير الأكمل ...
الحب هو القوى الهائله التى تتمتَّع بها
النفس البشريَّه المقاومه لذاك السِّر
فى داخل الإنسان وخارجه . ويصبح
الجنس هو تلبية نداء روح وليس نداء جسد.
إذاً الوعى الإنسانى يمثِّل الصُّوره الجميله
التى خلق الله الإنسان عليها وميَّزه بها
عن بقيَّة المخلوقات ــ ونجد إن جوهر
هذا الوعى هو الإراده الحُرَّه والتى تتجسَّد
فى سعى الإنسان نحو الخير ووسيلته
فى ذلك الحُب ...





{ 7 }
إن الزواج يُحق لك أن تعيش مع إنسان
من الجِنس الآخر حياةً متكامله . فالحُب
فى هذا المجال ظاهِره إنسانيَّه نفسيَّه
والزواج أيضاً ظاهِره إنسانيًه حقيقيَّه
ولكن للزواج جوانب سايكولوجيَّه ووظيفه
إجتماعيَّه أو مفهوم إجتماعى تثقيفى صِرف
إلاَّ إن ذلك كُله لايعبِّر عن الجوهر . لأن
الجوهرإنسانى بحت وإمتداد لظاهِرة الحُب
المتساميه ـــ وعلى أننا لا نستطيع أن نفصِل
الحُب عن الزواج لأن الحُب ظاهِره
سابقه على ظاهِرة الزواج فى تاريخ
البشريَّه وإن الحُب هو الأصل لأنه
يحقِّق إتِّصال الوعى بالوعى ويظهِر شفافيَّة
الذات لإدراك معنى الحياه ...والزواج يحقِّق
أبديَّة العلاقه لأن الإنسان لا يمكن أن يتزوَّج
بدون حُب ـ فالحُب مشروع إنسانى عظيم
يستغرِق عمر الإنسان كله إبتداءً من لحظة
نضوجِهِ وإكتمال وعيه وتفهُّمه .
الحُب يبدأ ولكنه لا ينتهى ... إنَّه مستمر
طوال عمر الإنسان . ينمو ويأخُذ أبعاداً
جديده وأعماقاً أغور . ويكتشِف مناطق جديده
وآفاق أرحب ولكنه يبدأ من عند نُقطةٍ معيَّنه
هى لحظة الإلتقاء مع إنسان تشعُر أنًّه نصفك
المكمِّل لك حِس باطِنى وحدث روحى ومعرفه قليله
لذلك لا يمكن أن تتزوَّج وأنت حيادى المشاعر
إلاَّ إذا كنت تبحث عن شئٍ من خلال هذا الزواج
كمصلحه مادِّيَّه مثلاً . أو أى مصلحه من مصالح
الدنيا التى لا حدود لها ...
{ 8 }
الإنسان الناضج السوى نفسيَّاً يعتبر الزواج
فى حد ذاته غايه وهدف. وحين يلتقى بنصفه
المكمِّل له للمرَّه الأولى يستطيع أن يتبيَّن
بحسَّه الداخلى إن هذا الإنسان هو آهِل لأن
يقضى معه بقيَّة عمره . وتبدأ قِصَّة الحُب من
اللحظه الأولى السبَّاقه على الزَّواج لتسير
رحلة الحُب والزَّواج جنباً إلى جنب
بل ممتزجانِ معاً لأنَّ حقيقة الحُب زواج
فالإنسان السوى لا يتزوَّج أبداً إنساناً
لا يحبُّه . فالبدايه لا بُدَّ أن تكون حُباً .
ومشروع الحُب هو مشروع الزواج .
إن الإنسان لا يقدم على الزواج إلاَّ إذا كان
مؤهَّلاً للزَّواج وذلك يتم بالنُّضج العقلى ونُضج
الشَّخصيَّه . ورابِطة الزواج المقدَّسه تتيحُ للزَّوجين
العطاء فيما بينهما . لأنَّ الإنسان الواعى هو المخلوق
الوحيد الذى يعطى دون أن ينتظر مقابل .
يعطى لأنَّه يُحب . فالعطاء هو مظلَّة الحنان
التى يرفعها ليحيط بها من يُحِب ... من يتزوَّج ...
وفى العطاء يتخلَّى عن أنانيَّته لأنَّ العطاء فِعِل
روحى خالص ــ روحى بمعنى أنَّه عطاءً
من أجل البقاء . عطاءً مُطلقاً ليس له مردود .



يتبع