الحمد لله الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى، ثم الصلاة والسلام على من اختارهم هداةً لعباده، لاسيما خاتم الأنبياء وسيد الرسل والأصفياء أبو القاسم محمد (ص) ... وعلى آله الميامين النجباء .
حياة الإمام الهادي (ع) ناهزت الأربعين سنة، وتركزت في تنوع مسؤلياته وأدواره بحسب الظروف والملابسات السياسية والاجتماعية التي كانت تحيط به والتي تتمثل في صيانة الشريعة من التحريف، وحفظ الأمة من الانحراف عن عقيدتها، ومبادئها وصيانة دولة الرسول (ص) من التردي، حيث عاصر الإمام في هذه الفترة ستة من ملوك بني العباس وهم المعتصم، والواثق، والمتوكل، والمنتصر، والمستعين، والمعتز .
تولى الإمام علي بن محمد الهادي (ع) مهام الإمامة بعد أبيه الجواد (ع)، وهو ابن تسع سنوات، في المدينة المنورة، يمارس دوره الإلهي حيث اتسعت شهرته في العالم الإسلامي، ورجع إليه القريب والبعيد بالرغم من الرقابة المشددة عليه، والإقامة الجبرية من قبل خلفاء بني العباس الذي عاصرهم، وخاصة المتوكل المعروف بعداوته لأهل البيت (ع) .
- المهام الرسالية للأئمة (ع) :
تعددت مهام الأئمة (ع) وتنوعت في مجالات شتى لأنهم مسؤولون عن صيانة تراث الرسول الأعظم (ص)، بالرغم من اختلاف ظروفهم من حيث نوع الحكم القائم ومن حيث درجة ثقافة الأمة ومدى وعيها وإيمانها ومعرفتها بالأئمة (ع) المتمثلة في:
1- الشريعة والرسالة التي جاء بها الرسول الأعظم من عند الله والمتمثلة في الكتاب والسنة النبوية .
2 – الأمة التي كونها ورباها الرسول الكريم بيديه الكريمتين .
3 – المجتمع السياسي الإسلامي الذي أوجده النبي محمد (ص)
4 – القيادة النموذجية التي حققها بنفسه، وربى لتجسيدها الأكفاء من أهل بيته الطاهرين (ع)، وبعد ذلك حملوها المراجع والعلماء الربانيين الصادقين .
* الزيارة ودورها الروحي في تحصين النفس :
إن الاهتمام بالزيارة لأهل البيت (ع) جميعاً أو لأحد من الأئمة (ع) مثل الزيارة المعروفة بالجامعة الكبيرة أو زيارة أمير المؤمنين (ع)، تعتبر خطوة مهمة في مجال تعميق الوعي وترسيخ الولاء والتمسك بأهل بيت الرسالة (ع)، ويعتبر هذا التميز الروحي والعاطفي من الأمور التي تميز بها الإمام الهادي (ع)، ومن ضمن هذه الزيارات المتنوعة نتطرق إلى الزيارة الجامعة الكبيرة المروية عن الإمام الهادي .
عن موسى بن عمران النخعي قال : قلت لعلي بن محمد الهادي (ع): علمني يا ابن رسول الله قولاً أقوله بليغاً كاملاً إذا زرت واحداً منكم فقال (ع) : قل: {السلام عليكم يا أهل بيت النبوة، وموضع الرسالة، ومختلف الملائكة ومهبط الوحي، ومعدن الرسالة، وخزان العلم، ومنتهى الحلم، وأصول الكرم، وقادة الأمم، وأولياء النعم، وعناصر الأبرار، ودعائم الأخيار وساسة العباد، وأركان البلاد، وأبواب الإيمان، وأُمناء الرحمن، وسلالة النبيين، وصفوة المرسلين، وعترة خيرة رب العالمين، ورحمة الله وبركاته..}.
تعتبر هذه الزيارة من المصادر الفكرية المهمة ومن الوثائق التي نأخذ منها ملامح التصور السليم للفكر الرسالي .
ومن أهم ما جاء في هذا المقطع من مفاهيم ودلالات أهمها :
1- إن الله اختص أهل بيت النبوة (ع) بكرامته فجعلهم موضع الرسالة ومختلف الملائكة ومهبط الوحي .
2 – إن هذا الجعل الإلهي نابع من الصفات الكمالية التي يبلغون القمة فيها، مثل العلم، والحلم، والكرم، والرحمة .
3 – إن أهل البيت (ع) هم موضع الرسالة لأن الله قد اختارهم لمنصب القيادة العليا للبشرية فضلاً عن قيادة المسلمين ومن بعدهم المراجع والعلماء الربانيين الذين يستلهموا من منهجهم الحكمة والصبر والشجاعة والإباء والإقدام لما فيه خير ومنفعة، من خلال تطبيق القيم الرسالية على جميع ومختلف الأصعدة السياسية والاجتماعية والثقافية والدينية والاقتصادية .
ومن أهم الأشياء التي استخدمها الإمام علي الهادي عليه السلام الوعظ والإرشاد بأسلوب لبق ومهذب مع أتباعه ومواليه، وحتى مع أعدائه أيضاً لأنهم عليهم السلام أصحاب الفضائل والأخلاق العالية والرفيعة .
طبعاً الأعداء لا يكتفوا بالإخبار عن الإمام (ع) ولكن يلفقوا الأخبار الكاذبة عنه أيضاً من خلال إخبار المتوكل بأن الإمام علي الهادي (ع) في منزله جميع أنواع الأسلحة الفتاكة، ويأمر جلاوزته من الأتراك بأن يقتحموا منزلة على غفلة وبدون سابق إنذار، فلما وصلوا إلى بيت الإمام وجدوه متوجهاً إلى ربه يترنم بآيات من القرآن في الوعد بالجنة والوعيد من النار، فأخذوه في جوف الليل إلى المتوكل وكان بيده كأس الشراب، وأخبروه بأنهم لم يجدو عنده شيء مما قيل عنه . وإنه في مجلسه يريد أن يذل ويهين الإمام .
فقدم له الكأس الذي بيده فرد عليه الإمام قائلاً : ما خامر لحمي ودمي قط، فاعفني منه، لأنه من أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة .
فعفا عنه المتوكل، وقال له أنشدني شعراً أستحسنه فهو يريد من الإمام أن يمدحه ويعظمه بهذا الشعر ويتذلل له لكن الإمام رد عليه بكل قوة وصلابة ولم يخف منه ولا من سطوته وخلافته وذلك بعد إصراره عليه أنشد قائلاً :
باتوا علـى قُلَـل الأجبال تحرسُهـم غُلـب الرجـال فمـا أغناهـمُ القُـلَـلُ
واستُنزِلـوا بعـد عـزٍّ عـن معاقِلهـم فاُودِعُـوا حفـراً يـا بئــسَ مـا نزَلــوا
ناداهمُ صارخٌ مــن بعــد مـا قُبِــروا أيــنَ الأسـرَّةُ والتيجــانُ والحــلــلُ
أينَ الوجـوهُ التـي كانــتْ منعّمــةً من دونها تُضربُ الأستـارُ والكُلَــلُ
فأفصحَ القبرُ عنهم حينَ ساءَلَهُمْ تلـكَ الوجــوهُ عليهــا الـــدودُ يقتَتِــلُ
نكتفي بهذه الأبيات من قصيدة الإمام وهي تعتبر رسالة من الإمام إلى كل الموالين من أتباعهم بشكل عام وإلى الأدباء والشعراء بشكل خاص بأن لا يمدحوا ظالم وطاغي في أي زمن من الأزمنة بل عليهم أن يقولوا قول الحق والصدق .
السبت يوليو 13, 2013 2:06 am من طرف الورده
» باك المنتدى
السبت يوليو 13, 2013 1:58 am من طرف الورده
» افكار للرفوف رووعه
الجمعة يونيو 28, 2013 5:19 pm من طرف الورده
» تصميم ازياء(اول تجربه لي )
الجمعة يونيو 28, 2013 5:17 pm من طرف الورده
» طريقة عمل آيسكريم~..
الجمعة فبراير 01, 2013 10:42 pm من طرف الورده
» عندمآإ ........
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:59 pm من طرف الورده
» يا علي ( رسمتي )
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:55 pm من طرف الورده
» ،،دفتر حضور وغياب ارجو التثبيت ،،
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:47 pm من طرف الورده
» عضوين في قفص المواجهه
السبت ديسمبر 29, 2012 6:52 pm من طرف الورده