يجب تكوين أمة مؤمنة تدعوا إلى الخير الذي يؤدي إلى وحدة الأمة الإسلامية، وتأمر بكل معروفٍ من الرؤى الرسالية، والأفكار الإسلامية، والمفاهيم الشرعية التي تحقق الأخوَّة الإيمانية، وتقوي وحدة الأمة الإسلامية، وتنهى عن كل منكر من الرؤى الجاهلية، والأفكار الضالة، والمفاهيم الطاغوتية التي تُفَرِّق الأمة الإسلامية، وتُقَطِّع أوصالها.
ويحرم على الأمة ولا يجوز لها أن تكون كالأمم السابقة التي تفرَّقت وتقطَّعت واختلفت إلى أحزاب ودويلات؛ يعتلي صهوتها الأرباب من دون الله من حكام الظلم والجور والطغيان؛ مع علم الأمة بحرمة اتخاذ الأرباب من دون الله؛ ولذلك استحقوا العذاب في الدنيا بالخزي والذل والاستعباد، وفي الآخرة بالنار وبئس المصير.
ولقد أنجبت الأمة الإسلامية في بدء تشكلها وتكونها أمة مؤمنة كانت خير الأمم؛ لأنها تأمر بكل معروفٍ من الرؤى الرسالية، والأفكار الإسلامية، والمفاهيم الشرعية التي تقوي وحدة الأمة الإسلامية، وتنهى عن كل منكر من الرؤى الجاهلية، والأفكار الضالة، والمفاهيم الطاغوتية التي تُفَرِّق الأمة الإسلامية وتُقَطِّع أوصالها، وتؤمن بقيم وثقافة السماء التي تنادي بوحدة الأمة الإسلامية، وتكفر بقيم وثقافة الطاغوت التي تنعق بالوطنية والوحدة الوطنية والولاء الوطني. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ * وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَـئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكْفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * تِلْكَ آيَاتُ اللّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ * وَلِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِلَى اللّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ * كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ﴾.
*«11» أكرمية الإنسان وأفضليته على المخلوقات.
إن الله خلق الإنسان وركب فيه العقل والشهوة. ولأن الإنسان يتكون من جسدٍ مادي حيواني يحي بالشهوات، ومن روح معنوية ملائكية تحي بالعقل؛ فهو محتاج لهما - العقل والشهوة – معاً. فهو محتاج للعقل لتغذية الروح وتنشيطها وحفظ حياتها، ويحتاج إلى الشهوة لتغذية الجسد وتنشيطه وحفظ حياته. ويسعى كل من العقل والشهوة لجذب الإنسان إليه والأخذ بزمامه. ولقد أعطى اللهُ الإنسانَ الحرية، وزوَّده بالإرادة والعزيمة التي تمكنه من الاختيار؛ فهو حرٌّ ويملك القدرة والعزيمة على الاختيار.
وبهذا التركيب من العقل والشهوة، وبنعمة الحرية والعزيمة والاختيار، وباستثمار الإنسان لحرية الاختيار بتغليب عقلِه على شهوتِه، ومن ثم بتحمله مسؤولية الأمانة باختياره؛ يتأهل الإنسان للتسامي والأكرمية والأفضلية على سائر المخلوقات، فيتسامى الإنسان إلى ما فوق الملائكة. قال رسول الله : ﴿ما من شيء أكرم على الله من ابن آدم، فقيل: يا رسول الله، ولا الملائكة؟ قال: الملائكة مجبورون بمنزلة الشمس والقمر﴾.
ولكن هذه الأكرمية والأفضلية للإنسان ليست مطلقة، ولا سنَّة حتمية تحكم الوجود؛ وإنما هي مادة خام موجودة بالقوة لا بالفعل في عمق كيان الإنسان؛ ولذا لن تجد الأكرمية سبيلها إلى حيز الوجود حينما يسيء الإنسان استعمال حرية الاختيار، ويندحر العقل في مواجهته للشهوة، وتغلبُ الشهوةُ العقلَ؛ لأنه حينئذٍ تتحول نعمة حرية الاختيار إلى نقمة، ويتسافل الإنسان إلى ما دون حضيض الحيوان. ومن هنا كانت حقيقة الإنسان وقيمته في عقله ومعنوياته، لا في شهواته ومادياته. عن عبد الله بن سنان قال: " سألت أبا عبد الله جعفر بن محمد الصادق فقلت: الملائكة أفضل أم بنو آدم؟ فقال : ﴿قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب : إن الله عز وجل ركب في الملائكة عقلاً بلا شهوة، وركب في البهائم شهوة بلا عقل، وركب في بني آدم كليهما. فمن غلب عقلُه شهوتَه فهو خيرٌ من الملائكة، ومن غلبتْ شهوتُه عقلَه فهو شرٌ من البهائم﴾.
وقال أمير المؤمنين : ﴿العقل والشهوة ضدان، ومؤيد العقل العلم، ومؤيد الشهوة الهوى، والنفس متنازعة بينهما، فأيهما قهر كانت في جانبه. إن أفضل الناس عند الله من أحيا عقله، وأمات شهوته، وأتعب نفسه لصلاح آخرته﴾.
وقال : ﴿من غلب عقله هواه أفلح، من غلب هواه عقله افتضح﴾.
قال الإمام موسى بن جعفر : ﴿يا هشام، كيف يزكو عند الله عملك؟ وأنت قد شغلت قلبك عن أمر ربك، وأطعت هواك على غلبة عقلك﴾.
وقال : ﴿من غلب شهوتَه ظهر عقلُه﴾.
وقال : ﴿من كمل عقلُه استهان بالشهوات﴾.
وقال : ﴿من غلب شهوتَه صان قَدَرَه﴾.
إن الإنسان بعقله يتحرر من أصر الجسد وتجاذباته الأرضية، فيُرَوِّض بالتقوى نفسه الأمارة بالسوء، إلى أن يغلبها برحمة الله التي كتبها للمتقين. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾.
قال أمير المؤمنين : ﴿وإنما هي نفسي أروضها بالتقوى؛ لتأتي آمنة يوم الخوف الأكبر، وتثبت على جوانب المزلق﴾.
ومَنْ يُرَوِّض نفسه بالتقوى، يطرد شياطين الجن والإنس عن الحومة على قلبه، فيتسامى عن الأشياء، ويتحرر من عبودية الشيئية، ويعرج بروحه إلى ملكوت السماء. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ).
وقال رسول الله :﴿لولا أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم لنظروا إلى ملكوت السماء﴾.
ومَنْ ينظر إلى ملكوت الله سيبصر آيات الله ويوقن بها، وباليقين سيرى الإنسان التجلي الإلهي جلياً في كتابه المجيد. قال الإمام جعفر بن محمد الصادق : ﴿لقد تجلى الله لخلقه في كلامه، ولكن لا يبصرون﴾.
وبالتجلي الإلهي سيملك الإنسان السلطان الذي يتمكن به من النفوذ من أقطار السماوات والأرض. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ﴾.
وبالتجلي الإلهي سيملك الإنسان العلم الذي يملك به القدرة الإعجازية الخارقة. يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ﴾.
السبت يوليو 13, 2013 2:06 am من طرف الورده
» باك المنتدى
السبت يوليو 13, 2013 1:58 am من طرف الورده
» افكار للرفوف رووعه
الجمعة يونيو 28, 2013 5:19 pm من طرف الورده
» تصميم ازياء(اول تجربه لي )
الجمعة يونيو 28, 2013 5:17 pm من طرف الورده
» طريقة عمل آيسكريم~..
الجمعة فبراير 01, 2013 10:42 pm من طرف الورده
» عندمآإ ........
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:59 pm من طرف الورده
» يا علي ( رسمتي )
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:55 pm من طرف الورده
» ،،دفتر حضور وغياب ارجو التثبيت ،،
الثلاثاء يناير 29, 2013 11:47 pm من طرف الورده
» عضوين في قفص المواجهه
السبت ديسمبر 29, 2012 6:52 pm من طرف الورده